تاريخ الإسلام - الذهبي - ج ٤٦ - الصفحة ٧٥
وسمع من أبي الفتح بن شاتيل. ثم انتقل شافعيا وصحب أبا القاسم بن فضلان، واشتغل عليه في الخلاف، وبرع فيه.
وحفظ طريقة الشريف، ونظر في طريقة أسعد الميهني، وغيره. وتفنن في علم النظر، والفلسفة وأكثر من ذلك. وكان من أذكياء العالم.
ثم دخل الديار المصرية وتصدر بها لإقراء العقليات بالجامع الظافري. وأعاد بمدرسة الشافعي. وتخرج به جماعة. وصنف تصانيف عديدة. ثم قاموا عليه، ونسبوه إلى فساد العقيدة، والانحلال، والتعطيل، والفلسفة. وكتبوا محضرا بذلك.
قال القاضي ابن خلكان: وضعوا خطوطهم بما يستباح به الدم، فخرج مستخفيا إلى الشام فاستوطن حماة. وصنف في الأصلين، والمنطق، والحكمة، والخلاف، وكل ذلك مفيد، فمنه: كتاب أبكار الأفكار في علم الكلام، ومنتهى السول في علم الأصول. وله طريقة في الخلاف. وشرح جدل الشريف. وله نحو من عشرين تصنيفا. ثم تحول إلى دمشق، ودرس بالعزيزية مدة، ثم عزل عنها لسبب اتهم فيه. وأقام بطالا في بيته. ومات في رابع صفر، وله ثمانون سنة.
وقال أبو المظفر الجوزي: لم يكن في زمانه من يجاريه في الأصلين، وعلم الكلام. وكان يظهر منه رقة قلب، وسرعة دمعة. وأقام بحماة، ثم انتقل إلى دمشق.
قال: ومن عجيب ما يحكى عنه، أنه ماتت له قطة بحماة فدفنها، فلما سكن دمشق، أرسل، ونقل عظامها في كيس، ودفنها في تربة بقاسيون. وكان أولاد الملك العادل كلهم يكرهونه لما اشتهر عنه من الاشتغال بالمنطق، وعلم الأوائل. وكان يدخل على المعظم والمجلس غاص بأهله فلم يتحرك له،
(٧٥)
مفاتيح البحث: الشام (1)، دمشق (3)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 70 71 72 73 74 75 76 77 78 79 80 ... » »»