تاريخ الإسلام - الذهبي - ج ٤٥ - الصفحة ٨٨
إجازات. وجمع كتابا سبعين حديثا ووصل على يد شهاب الدين إلى حلب، وسمعه الملك الظاهر وجماهير الدولة، وشرحته شرحا حسنا، وسيرته صحبة شهاب الدين.
وسبب انعكافه على الحديث أن الشريف العباسي قاضي القضاة نسب إليه تزوير، فأحضر القاضي وثلاثة شهود، فعزر القاضي بأن حركت عمامته فقط، وعزر الثلاثة بأن أركبوا جمالا وطيف بهم المدينة يضربون بالدرة، فمات واحد تلك الليلة، وآخر لبس الفساق ودخل بيوتهم، والثالث لزم بيته واختفى وهو البندنيجي المحدث رفيقنا. فبعد مدة احتاج، وأراد بيع كتبه، ففتش الجزاز، فوجد فيه إجازة للخليفة من مشايخ بغداد، فرفعها، فخلع عليه، وأعطي مائة دينار، وجعل وكيلا عن أمير المؤمنين في الإجازة والتسميع.
قلت: أجاز الناصر لجماعة من الأعيان فحدثوا عنه منهم: أبو أحمد ابن سكينة، وأبو محمد ابن الأخضر، وقاضي القضاة أبو القاسم ابن الدامغاني، وولده الظاهر بأمر الله، والملك العادل، وبنوه المعظم والكامل والأشرف.
قال ابن النجار: شرفني بالإجازة، فرويت عنه بالحرمين، وبيت المقدس، ودمشق، وحلب، وبغداد، وأصبهان، ونيسابور، ومرو، وهمذان. ثم روى عنه حديثا بالإجازة التي أذن له بخطه.
وقال الموفق عبد اللطيف: وأقام سنين يراسل جلال الدين حسن صاحب الموت يراوده أن يعيد شعار الاسلام من الصلاة والصيام وغير ذلك مما رفعوه في زمان سنان، ويقول: إنكم إذا فعلتم ذلك كنا يدا واحدة، ولم يتغير عليكم من أحوالكم شيء، ومن يروم هذا من هؤلاء، فقد رام منال العيوق، واتفق أن رسول خوارزم شاه بن تكش ورد في أمر من الأمور، فزور على) لسانه كتب في حق الملاحدة تشتمل على الوعيد، وعز الايقاع بهم، وأنه سيخرب قلاعهم، ويطلب من الخليفة المعونة في ذلك، وأحضر رجل منهم كان قاطنا ببغداد، ووقف على الكتب، وأخرج بها وبكتب أخرى على وجه النصيحة نصف الليل على البريد، فلما وصل الموت، أرهبهم، فما وجدوا مخلصا إلا
(٨٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 83 84 85 86 87 88 89 90 91 92 93 ... » »»