تاريخ الإسلام - الذهبي - ج ٤٤ - الصفحة ٣٣٩
قلت: وكان أمارا بالمعروف نهاء عن المنكر، شجاعا، صاحب سلاح ظاهر وباطن، مقبلا على شأنه، مجدا لا يفتر، حاضر القلب، دائم الذكر، لا تأخذه في الله لومة لائم. وكان من حين اشتد يخرج وينطرح في شعراء يونين، فإذا رآه السفارة حملوه إلى أمه وكانت امرأة صالحة. فلما انتشى كان يتعبد بجبل لبنان. وكان كثير الغزو أيام السلطان صلاح الدين.
وقد جمع مناقبه خطيب زملكا أبو محمد عبد الله ابن العز عمر المقدسي، فقال: حدثني الشيخ إسرائيل، عن الشيخ علي القصار، قال: كنت إذا رأيت الشيخ عبد الله أهابه، كأنه أسد، فإذا) دنوت منه وددت أني أشق قلبي وأجعله فيه.
قال ابن العز: وحدثني الزاهد خليل بن عبد الغني بن مقلد، قال: كنت بحلقة الحنابلة إلى جانب الشيخ عبد الله، فقام ومعه خادمه توبة إلى الكلاسة، ليتوضأ، وإذا برجل متختل يفرق ذبا، فلما وصل إلي أعطاني خمسة دنانير، وقال: أين سيدي الشيخ قلت: يتوضأ. فجعل تحت سجادته ذهبا، وقال: إذا جاء قل له: مملوكك أبو بكر التكريتي يسلم عليك، ويشتهي تدعو له. فجاء الشيخ وأنا ألعب بالذهب في عبي، ثم ذكرت له قول الرجل، فقال توبة: من ذا يا سيدي قال: صاحب دمشق وإذا به قد رجع، ووقف قدام الشيخ، والشيخ يصلي، فلما سلم أخذ السواك ودفع به الذهب، وقال: يا أبا بكر، كيف أدعو لك والخمور دائرة في دمشق وتغزل امرأة وقية تبيعها فيؤخذ منها قرطيس فلما راح أبطل ذلك، وكان الملك العادل.
قال ابن المعز: وأخبرني المعمر محمد بن أبي الفضل، قال: كنت عند الشيخ وقد جاء إليه المعظم، فلما جلس عنده، قال: يا سيدي ادع لي. قال يا عيسى لا تكن نحس مثل أبيك. فقال: يا سيدي وأبي كان نحس. قال: نعم
(٣٣٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 334 335 336 337 338 339 340 341 342 343 344 ... » »»