بهاء الدين ابن شداد مسافرا إلى العادل بمصر، فقدم بعد ثلاث، فحل جميع ذلك بالتدريج والخفية، وأعانه مرض الوزير، فلما عوفي وجد الأمور مختلفة، فسافر إلى الروم ثم انتكس ومرض، ومات في السنة.
وأما ابن جندر فنزل عن الأتابكية، وجعلوها للملك المنصور يعني الذي كان تسلطن بمصر بعد والده العزيز.
قال: فبقي أياما وعزلوه، ثم ولوه، ثم عزلوه غير مرة. وتلاعبت بهم الآراء، وكان قصدهم أن يكون الطواشي شهاب الدين طغريل هو الأتابك، فسعوا إلى أن تم ذلك، ثم اتفقوا أن يحكم عليهم خادم، فاختلفت نياتهم. ورأوا أن يملكوا الملك الأفضل علي ابن صلاح الدين، وعزم الأمراء على التوثب بحلب، ثم قوي أمر طغريل وثبت، وقد هموا بقتله مرات ووقاه الله، ولو ساق الأفضل لملك حلب ولما اختلف عليه اثنان لكنه كاتب عز الدين صاحب الروم وحسن له أن يقصد حلب، فحشد وقصدها، ونازل تل باشر، فأخذها، وأخذ عين تاب، ورعبان، ومنبج، وكاتبه أكثر رؤساء حلب والأمراء. فلما رأى طغريل والخواص ذلك، طلبوا الملك الأشرف، فجاء ونزل بظاهر حلب، مع شدة خوف. وجاءت طائفة من العرب ومعهم عسكر يتولعون بعسكر الروم، فسير إليهم عز الدين كبراء دولته، فساقوا بجهل، وأمعنوا إلى براعة في تلك البرية، فخارت قواهم وذبلت خيلهم، واختطفتهم العرب سبايا كما تؤخذ النساء، فخار قلب عز الدين، ورجع إلى تل باشر، ثم إلى بلاده، ولحقه غبن وأسف حتى مرض ومات. وأما الملك الأشرف فإنه تمكن من أموال حلب ورجالها وقوي بذلك على الموصل وسنجار، وعظم عند ملوك الشرق.
قلت: قد ذكرت في الحوادث أن الظاهر قدم دمشق وحاصرها غير مرة مع أخيه الأفضل،) وحاصر منبج وأخذها، وكذلك قلعة نعم، ثم حاصر حماة، وغير ذلك.