تاريخ الإسلام - الذهبي - ج ٤١ - الصفحة ٣٥٤
ومن إنشاء العماد الكاتب إلى الخليفة على لسان الأفضل: أصدر العبد هذه الخدمة وصدره مشروح بالولاء، وقلبه مغمور بالضياء، ويده مرفوعة إلى السماء، ولسانه ناطق بالشكر والدعاء، وجنانه ثابت من المهابة والمحبة على الخوف والرجاء، وطرفه مغمض من الحياء.
وهو للأرض يقبل، وللفرض متقبل، يمت بما قدمه من الخدمات، وذخره ذخر الأقوات لهذه الأوقات. وقد أحاطت العلوم الشريفة بأن الوالد السعيد الشهيد الشديد السديد المبيد للشرك) المبيد، لم يزل مستقيما على جدد الجد، ومصر بل الأمصار باجتهاده في الجهاد شاهدة، والأنجاد والأغوار في نظر عزمه واحده، والبيت المقدس من فتوحاته والملك العقيم من نتائج عزماته، وهو الذي ملك ملوك الشرق، وغل أعناقها، وأسر طواغيت الكفر، وشد خناقها، وقمع عبدة الصلبان، وقطع أصلابها، وجمع كلمة الإيمان وعصم جنابها، وقبض وعدله مبسوط، ووزره محطوط، وعمله بالصلاح منوط، وخرج من الدنيا وهو في الطاعة الأمامية داخل.
قال العماد الكاتب: لما توفي وملكت أولاده كان العزيز عثمان بمصر يقرب أصحاب أبيه ويكرمهم، والأفضل بدمشق يفعل بضد ذلك. وأشار عليه جماعة كالوزير الجزري الذي استوزره، يعني الضيا ابن الأثير.
وفيه يقول فتيان الشاغوري:
* متى أرى وزيركم * وما له من وزر * * يقلعه الله فذا * أوان قلع الجزر * ومن كتاب فاضلي: أما هذا البيت، فإن الآباء منه اتفقوا فملكوا، وأن الأبناء منه اختلفوا فهلكوا.
قلت: خلف من الأولاد صاحب مصر السلطان الملك العزيز، والملك الأفضل علي صاحب دمشق، والملك الظافر مظفر الدين خضر، والملك الزاهر مجير الدين داود، والملك المفضل قطب الدين موسى، والملك الأشرف عزيز الدين محمد، والملك المحسن ظهير الدين أحمد، والملك المعظم فخر الدين
(٣٥٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 349 350 351 352 353 354 355 356 357 358 359 ... » »»