بمنى يوم الأضحى. ونهب الركب الشامي.
قال العماد الكاتب: وصل شمس الدين عرفات، وما عرف الآفات. وشاع وصوله، وضربت طبوله، وجالت خيوله، وخفقت أعلامه، وضربت خيامه، فغاظ ذلك طاشتكين، فركب في أصحابه فأوقع بشمس الدين وأترابه، وقتل جماعة وجرحوا.
قال: ودفن بالمعلى، وارتاع طاشتكين لما اجترمه، وأخذ شهادة الأعيان أن الذنب لابن المقدم.
وقرىء المحضر في الديوان. ولما بلغ السلطان مقتله بكى وحزن عليه وقال: قتلني الله إن لم أنتصر له. وتأكدت الوحشة بينه وبين الخليفة. وجاءه رسول يعتذر فقال: أنا الجواب عما جرى.
ثم اشتغل بالجهاد عن ذلك.
وقال ابن الأثير: لما فتح بيت المقدس طلب ابن المقدم من السلطان إذنا ليحج ويحرم من القدس، ويجمع في سنته بين الجهاد والحج، وزيارة الخليل، والرسول صلى الله عليهما وسلم.
وكان قد اجتمع بالشام ركب عظيم، فحج بهم ابن المقدم. فلما كان عشية عرفة، أمر بضرب كوساته ليتقدم للإفاضة، فأرسل إليه مجير الدين طاشتكين ينهاه عن التقدم، فأرسل إليه: إني ليس لي معك تعلق، وكل يفعل ما يراه. وسار ولم يقف. فركب طاشتكين في أجناده، وتبعه من الغوغاء والطماعة عالم كبير، وسدوا حاج الشام، فلما قربوا خرج الأمر عن الضبط، فهجم طماعة العراق على الشاميين وفتكوا فيهم، وقتلوا جماعة، ونهبت أموالهم. وجرح ابن المقدم عدة جراحات. وكان يكف أصحابه عن القتال، ولو أذن لانتصف منهم، ولكنه راقب الله تعالى وحرمة المكان واليوم، فلما أثخن بالجراحات أخذه طاشتكين إلى خيمته، وأنزله عنده ليمرضه) ويستدرك الفارط، فمات من الغد، ورزق الشهادة بعد الجهاد، رحمه الله تعالى.