تاريخ الإسلام - الذهبي - ج ٤٠ - الصفحة ٢٣٦
الخشاب، وركب في جمع عظيم إلى القلعة، فصعد إليها، والشيعة تحت القلعة وقوف. فقتل بها ابن الخشاب وتفرق ذلك الجمع. وسجن شمس الدين علي بن الداية وأخواه: سابق الدين عثمان، وبدر الدين حسن.
ودخل السلطان صلاح الدين دمشق في سلخ ربيع الآخر، ثم سار إلى حمص فملكها. ثم نازل حلب في سلخ جمادى الأولى، فنزل الملك الصالح إلى البلد، واستنجد بأهلها، وذكرهم حقوق والده، فوعدوه بالنصر، وجاءته النجدة من ابن عمه صاحب الموصل مع عز الدين مسعود بن مودود. فرد السلطان صلاح الدين إلى حماه، وتبعه عز الدين مسعود، فالتقوا عند قرون حماه في رمضان. فانكسر عز الدين وانهزم، ورد صلاح الدين فنازل حلب، فصالحوه وأعطوه المعرة، وكفرطاب، وبارين. ثم جاء صاحب الموصل سيف الدين غازي في جيش كثيف، وجاء صلاح الدين بعساكره، فالتقوا في شوال سنة إحدى وسبعين، فانكسر صاحب الموصل على تل السلطان، وسار صلاح الدين، فأخذ منبج، ثم نازل عزاز ففتحها، ثم نازل حلب في ذي القعدة، وأقام عليها مدة. وبذل أهلها المجهود في القتال، بحيث أنهم كانوا يحملون ويصلون إلى مخيم صلاح الدين، وأنه قبض على جماعة منهم، فكان يشرح أسافل أقدامهم، ولا يمنعهم ذلك عن القتال، فلما مل منهم صالحهم وسار عنها. وخرجت إليه أخت الملك الصالح، وكانت طفلة، فأطلق لها عزاز لما طلبتها منه. وكان تدبير أمر حلب إلى والدة الصالح، وإلى شاذبخت، وخالد بن القيسراني.
ثم إن الصالح مرض بالقولنج جمعتين، ومات في رجب من سنة سبع، وتأسفوا عليه، وأقاموا عليه المآتم، وفرشوا الرماد في الأسواق، وبالغوا في النوح عليه. وكان أمرا منكرا.) وكان دينا، عفيفا، ورعا، عادلا، محببا إلى العامة، متبعا للسنة، رحمه الله، ولم يبلغ عشرين سنة.
وذكر العفيف بن سكرة اليهودي لا رحمه الله، وكان يطببه، قال:
(٢٣٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 231 232 233 234 235 236 237 238 239 240 241 ... » »»