تاريخ الإسلام - الذهبي - ج ٣٨ - الصفحة ٢٥٥
المؤمن بأمير المؤمنين.) ورجعت حصون الفلاكي كلها للموحدين والفلاكي يغير على نواحي السوس، وأغمات، وهم كلهم تنموا أحوالهم وتستفحل.
قال صاحب المعجب: قبل وفاة ابن تومرت بأيام استدعى المسمين بالجماعة، وأهل الخمسين، والقواد الثلاثة: عمر بن عبد الله الصنهاجي المعروف بعمر أرتاج، وعمر بن ومزال المعروف بعمر إينتي، وعبد الله بن سليمان، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: إن الله سبحانه، وله الحمد، من عليكم أيتها الطائفة بتأييده، وخصكم من بين أهل هذا العصر بحقيقة توحيده، وقيض لكم من ألفاكم ضلالا لا تهتدون، وعميا لا تبصرون، لا تعرفون معروفا، ولا تنكرون منكرا، قد فشت فيكم البدع، واستهوتكم الأباطيل، وزين لكم الشيطان أباطيل وترهات، أنزه لساني عن النطق بها، فهداكم الله به بعد ضلالة، وأبصركم به بعد العمى، وجمعكم بعد الفرقة، وأعزكم بعد الذلة، ورفع عنكم سلطان هؤلاء المارقين، وسيورثكم أرضه وديارهم، وذلك بما كسبت أيديكم، وأضمرته قلوبكم، فجددوا لله خالص نياتكم، وأروه من الشكر قولا وفعلا ما يزكي به سعيكم، واحذروا الفرقة، وكونوا يدا واحدة على عدوكم، فإنكم إن فعلتم ذلك هابكم الناس، وأسرعوا إلى طاعتكم، وإن لا تفعلوا شملكم الذل، واحتقرتكم العامة. وعليكم بمزج الرأفة بالغلظة، واللين بالعنف. وقد اخترنا لكم رجلا منكم، وجعلناه أميرا عليكم بعد أن بلوناه، فرأيناه ثبتا في دينه، متبصرا في أمره، وهو هذا، وأشار إلى عبد المؤمن، فاسمعوا له وأطيعوا، ما دام سامعا مطيعا لربه تعالى وتقدس، فإن بدل ففي الموحدين بركة وخير، والأمر أمر الله يقلده من يشاء.
فبايع القوم عبد المؤمن، ودعا لهم ابن تومرت، ومسح صدورهم.
وأما ابن خلكان فقال: لم يصح عنه أنه استخلفه، بل راعى أصحابه
(٢٥٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 250 251 252 253 254 255 256 257 258 259 260 ... » »»