فأخافه فأقول: لا. فيقول: لم تقصر في المشي فأسرع بين يديه ساعة، ثم أعجز، فيأخذ الحجر الآخر من يدي ويلقيه عني، فأمشي حتى) أعطب، فحينئذ كان يأخذني ويحملني على كتفه.
وكنا نلتقي على أفواه الطرق بجماعة من الفلاحين وغيرهم من المعارف، فيقولون: يا شيخ عيسى، ادفع إلينا هذا الطفل نركبه وإياك إلى بوشنج، فيقول: معاذ الله أن نركب في طلب أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم ورجاء ثوابه والانتفاع به.
وكان ثمرة ذلك حسن نية والدي، رحمه الله، أني انتفعت بسماع هذا الكتاب وغيره، ولم يبق من أقراني أحد سواي، حتى صارت الوفود ترحل إلي من الأمصار.
ثم أشار إلى صاحبنا عبد الباقي بن عبد الجبار الهروي أن يقدم لي شيئا من الحلواء، فقلت: يا سيدي قراءتي بجزء علي بن الجهم أحب إلي من أكل الحلواء. فتبسم وقال: إذا دخل الطعام خرج الكلام. وقدم لنا صحنا فيه حلواء الفانيذ. فأكلنا، ثم أخرجت الجزء وسألته إحضار الأصل، فأحضره وقال: لا تخف ولا تحرص، فإني قد قبرت ممن سمع علي خلقا، فسل الله السلامة. فقرأت الجزء وسررت به، ويسر الله سماع الصحيح وغيره مرارا، ولم أزل في صحبته وخدمته إلى أن توفي في بغداد في ليلة الثلاثاء من ذي القعدة.
قلت: بيض لليوم، وهو سادس الشهر.