تاريخ الإسلام - الذهبي - ج ٣٧ - الصفحة ٦٣
ولده الملك نور الدين محمود، فاستولى على حلب، واستولى ولده الآخر سيف الدين غازي قطب الدين مودود الأعرج على الموصل.
قال ابن الأثير: نزل أتابك زنكي على حصن جعبر المطل على الفرات، وقاتله من بها، فلما طال أرسل إلى صاحبها ابن مالك العقيلي رسالة مع الأمير حسان المنبجي، لمودة بينهما في معنى تسليمها، ويبذل له القطاع والمال، ويتهدده إن لم يفعل، فما أجاب، فقتل أتابك بعد أيام، وثب عليه جماعة من مماليكه في الليل، وهربوا إلى القلعة، فدخلوها، فصاح أهلها وفرحوا بقتله، فدخل أصحابه إليه.
حدثني أبي، عن بعض خواصه قال: دخلت إليه في الحال وهو حي، فظن أني أريد قتله، فأشار إلي بإصبعه يستعطفني، فقلت: يا مولانا من فعل هذا فلم يقدر على الكلام، وفاضت نفسه.
قال: وكان حسن الصورة، أسمر، مليح العينين، قد وخطه الشيب، وزاد عمره على الستين، وكان صغيرا لما قتل أبوه. وكان شديد الهيبة على عسكره ورعيته، وكانت البلاد خرابا من الظلم ومجاورة الفرنج، فعمرها.
حكى لي والدي قال: رأيت الموصل وأكثرها خراب، بحيث يقف الإنسان قريب محلة الطبالين، ويرى الجامع العتيق، ودار السلطان، ولا يقدر أحد أن يصل إلى جامع إلا ومعه من يحميه، لبعده عن العمارة، وهو الآن في وسط العمارة.
وكان شديد الغيرة لا سيما على نساء الأجناد، ويقول: إن لم نحفظهن
(٦٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 58 59 60 61 62 63 64 65 66 67 68 ... » »»