تاريخ الإسلام - الذهبي - ج ٣٥ - الصفحة ١١٩
ومما نقم عليه أيضا ما ذكر من الألفاظ المستبشعة بالفارسية في كتاب كيمياء السعادة والعلوم، وشرح بعض الصور والمسائل، بحيث لا يوافق مراسم الشرع، وظواهر ما عليه قواعد الإسلام.
وكان الأولى به، والحق أحق ما يقال، ترك ذلك التصنيف، والإعراض عن الشرح له، فإن العوام ربما لا يحكمون أصول القواعد بالبراهين والحجج، فإذا سمعوا أشياء من ذلك تخيلوا منه ما هو المضر بعقائدهم، وينسبون ذلك إلى بيان مذهب الأوائل على أن المنصف اللبيب إذا) رجع إلى نفسه، علم أن أكثر ما ذكره مما رمز إليه إشارات الشرع، وإن لم يبح به. ويوجد أمثاله في كلام مشايخ الطريقة مرموزة، ومصرحا بها، متفرقة. وليس لفظ منه إلا وكما يشعر أحد وجوهه بكلام موهوم، فإنه يشعر بسائر وجوهه بما يوافق عقائد أهل الملة، فلا يجب إذا حمله إلا على ما يوافق، ولا ينبغي أن يتعلق به في الرد عليه متعلق، إذا أمكنه أن يبين له وجها. وكان الأولى به أن يترك الإفصاح بذلك كما تقدم.
وقد سمعت أنه سمع من سنن أبي داود، عن القاضي أبي الفتح الحاكمي الطوسي.
وسمع من أبي عبد الله محمد بن أحمد الخواري، مع آبنيه الشيخين: عبد الجبار، وعبد الحميد، كتاب المولد لابن أبي عاصم، عن أبي بكر أحمد بن محمود بن الحارث، عن أبي الشيخ، عنه.
قلت: ما نقم عبد الغافر على أبي حامد من تلك الألفاظ التي في كيمياء السعادة فلأبي حامد أمثاله في بعض تواليفه، حتى قال فيه، أظنه تلميذه ابن العربي: بلغ شيخنا أبو حامد الفلاسفة، وأراد أن يتقيأهم فما آستطاع. رأيت غير واحد من الأئمة يقولون، إنه رد على الفلاسفة في مواضع، ووافقهم عليها في بعض تواليفه، ووقع في شكوك، نسأل الله السلامة واليقين، ولكنه مثال حسن القصد.
(١١٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 113 115 116 117 118 119 120 121 122 123 124 ... » »»