تاريخ الإسلام - الذهبي - ج ٣٣ - الصفحة ٥٩
وسمعت أحمد بن أميرجة القلانسي خادم الأنصاري يقول: حضرت مع شيخ الإسلام على الوزير أبي علي، يعني نظام الملك، وكان أصحابه كلفوه الخروج إليه، وذلك بعد المحنة ورجوعه من بلخ.
قلت: وكان قد غرب عن هراة إلى بلخ.
قال: فلما دخل عليه أكرمه وبجله، وكان في العسكر أئمة الفريقين. في ذلك اليوم، قد علموا أن الشيخ يأتي، فاتفقوا على أن يسألوه عن مسألة بين يدي الوزير، فإن أجاب بما يجيب بهراة سقط عين الوزير، وإن لم يجب سقط من عيون أصحابه، فلما استقر به المجلس قال العلوي الدبوسي: يأذن الشيخ الإمام في أن أسأل مسألة.
قال: سل.
فقال: لم تلعن أبا الحسن الأشعري فسكت، وأطرق الوزير، فلما كان بعد ساعة، قال له الوزير: أجبه.
فقال: لا أعرف الأشعري، وإنما ألعن من لم يعتقد أن الله في السماء، وأن القرآن في المصحف، وأن النبي صلى الله عليه وسلم نبي غير خطاء.
ثم قام وانصرف، فلم يمكن أحد أن يتكلم بكلمة من هيبته وصلابته وصولته، فقال الوزير للسائل أو من معه: هذا أردتم، كنا نسمع أنه يذكر هذا بهراة، فاجتهدتم حتى سمعناه بآذاننا. وما عسى أن أفعل به ثم بعث خلقه خلعا وصلة، فلم يقبلها، وخرج من فوره إلى هراة ولم يتلبث.
قال: وسمعت أصحابنا بهراة يقولون: لما قدم السلطان ألب أرسلان هراة في بعض قدماته اجتمع مشايخ البلد ورؤساؤه، ودخلوا على أبي إسماعيل الأنصاري، وسلموا عليه وقالوا: قد ورد السلطان، ونحن على عزم أن نخرج ونسلم عليه، فأحببنا أن نبدأ بالسلام على الشيخ الإمام، ثم نخرج إلى هناك.
وكانوا قد تواطؤوا على أن حملوا معهم صنما من نحاس صغيرا،
(٥٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 54 55 56 57 58 59 60 61 62 63 64 ... » »»