وكان جليلا رفيع القدر والخطر. توفي بالمرية من الأندلس، وقبره هناك يزار.
وقال أبو علي بن سكرة: ما رأيت أحدا على سمته وهيبته وتوقير مجلسه مثل أبي الوليد الباجي. ولما كنت ببغداد قدم ولده أبو القاسم، فسرت معه إلى شيخنا قاضي القضاة أبي بكر محمد بن المظفر الشامي، وكان ممن صحبه أبو الوليد الباجي قديما، فلما دخلت عليه قلت له: أدام الله عزك، هذا ابن شيخ الأندلس. فقال: لعله ابن الباجي قلت: نعم. فأقبل عليه.
وقال عياض القاضي: حصلت لأبي الوليد من الرؤساء مكانة، وكان مخالطا لهم، يترسل بينهم في مهم أمورهم، ويقبل جوائزهم. وهم له في ذلك على غاية التجلة، فكثرت القالة فيه من أجل هذا.
وولي قضاء مواضع من الأندلس تصغر عن قدره كأوريولة وشبهها، فكان يبعث إليها خلفاء، وربما أتاها المرة ونحوها.) وكان في أول أمره مقلا حتى احتاج في سفره إلى القصد بشعره، واستئجار نفسه في مقامه ببغداد فيما سمعته مستفيضا لحراسة درب، فكان يستعين بإجارته على نفقته وبضوئه على دراسته، وكان بالأندلس يتولى ضرب ورق الذهب للغزال والإنزال، ويعقد الوثائق.
وقد جمع ابنه شعره. وكان ابتدأ كتابا سماه الاستيفاء في الفقه، لم يضع منه غير الطهارة في مجلدات.
قال عياض: ولما قدم الأندلس وجد بكلام ابن حزم طلاوة إلا أنه كان خارجا عن المذهب، ولم يكن بالأندلس من يشتغل بعلمه، فقصرت ألسنة الفقهاء عن مجادلته وكلامه، واتبعه على رأيه جماعة من أهل الجهل، وحل