تاريخ الإسلام - الذهبي - ج ٢٩ - الصفحة ٧٠
قال جعفر المستغفري: كان أبو القاسم عبد الله بن عبد الله بن الحسين النضري المروزي قاضي نسف صلب المذهب، فلما دخل سبكتكين صاحب غزنة بلخ دعاهم إلى مناظرة الكرامية وكان النضري يومئذ قاضيا ببلخ فقال سبكتكين: ما تقولون في هؤلاء الزهاد والأولياء فقال النضري: هؤلاء عندنا كفرة. فقال: ما تقولون في قال: إن كنت تعتقد مذهبهم فقولنا فيك كقولنا فيهم.
فوثب من مجلسه وجعل يضربهم بالطبرزين حتى أدماهم، وشج القاضي، وأمر بهم فقيدوا وحبسوا. ثم خاف الملامة فأطلقهم. ثم أنه مرض ببلخ، فاشتاق إلى غزنة، فسافر إليها ومات في الطريق في سنة سبع وثمانين وثلاثمائة، وجعل ولي عهده ولده إسماعيل. وكان محمود غائبا ببلخ، فلما بلغه نعي أبيه كتب إلى أخيه ولاطفه على إن يكون بغزنة، وأن يكون محمود بخراسان. فلم يوافقه إسماعيل، وكان في إسماعيل رخاوة وعدم شهامة، فطمع فيه الجند وشغبوا عليه، وطالبوه بالعطاء، فأنفق فيهم الخزائن. فدعا محمود عمه إلى موافقته، فأجابه، فقوي بعمه وبأخيه، وقصد غزنة في جيش عظيم، وحاصرها إلى إن افتتحها بعد إن عمل هو وأخوه مصافا هائلا، وقتل خلق من الجيش، وانهزم أخوه إسماعيل وتحصن. فنازل حينئذ محمود البلد، وأنزل أخاه من قلعتها بالأمان. ثم رجع إلى بلخ، وحبس أخاه ببعض الحصون حبسا خفيفا، ووسع عليه الدنيا والخدم.)
(٧٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 65 66 67 68 69 70 71 72 73 74 75 ... » »»