تاريخ الإسلام - الذهبي - ج ٢٩ - الصفحة ٧٢
يتلون كل ساعة من كل لون، ووقف السلطان محمود على شر ما كان يدعو إليه، وعلى بطلان ما حثه عليه أمر بقتله وأهدى بغله إلى القاضي أبي منصور محمد ابن محمد الأزدي الشافعي شيخ هراة، وقال السلطان: كان هذا البغل يركبه رأس الملحدين، فليركبه رأس الموحدين.
ولولا ما في السلطان محمود من البدعة لعد من ملوك العدل.
وذكر إمام الحرمين الجويني إن السلطان محمود كان حنفي المذهب مولعا بعلم الحديث، يسمع من الشيوخ ويستفسر الأحاديث، فوجدها أكثرها موافقا للمذهب الشافعي، فوقع في نفسه، فجمع الفقهاء في مرو، وطلب منهم الكلام في ترجيح أحد المذهبين. فوقع الاتفاق على إن يصلوا بين) يديه على مذهب الإمامين ليختار هو. فصلى أبو بكر القفال بطهارة مسبغة، وشرائط معتبرة من السترة والقبلة، والإتيان بالأركان والفرائض صلاة لا يجوز للشافعي دونها، ثم صلى صلاة على ما يجوز أبو حنيفة رضي الله عنه، فلبس بدلة كلب مدبوغا قد لطخ ربعه بالنجاسة، وتوضأ بنبيذ التمر، وكان في الحر، فوقع عليه البعوض والذباب، وتوضأ منكسا، ثم أحرم، وكبر بالفارسية، دو بركك سبز ثم نقر نقرتين كنقرات الديك من غير فصل ولا ركوع ولا تشهد، ثم ضرط في آخره من غير نية السلام، وقال: هذه صلاة أبي حنيفة.
فقال: إن لم تكن هذه الصلاة صلاة أبي حنيفة لقتلتك.
قال: فأنكرت الحنفية إن تكون هذه صلاة أبي حنيفة فأمر القفال بإحضار كتب أبي حنيفة، وأمر السلطان كاتبا نصراني كاتبا يقرأ المذهبين جميعا،
(٧٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 67 68 69 70 71 72 73 74 75 76 77 ... » »»