تاريخ الإسلام - الذهبي - ج ٢٨ - الصفحة ٣٠
تكبيرهم. واقتضى رأيه أن يزحف بهم إلى فتوح، وهي التي أعيت الملوك، غير كشاسب على ما زعمته المجوس، وهو ملك الملوك في زمانه، فزحف السلطان بهم وبجنوده، وعبر مياه سيحون وتلك الأدوية التي تجل أعماقها من الوصف، ولم يطأ مملكة من تلك الممالك إلا أتاه الرسول واضعا خد الطاعة، عارضا في الخدمة الاستطاعة. إلى أن جاءه جنكي بن شاهي) وسهمي صاحب درب قشمير، عالما بأنه بعث الله الذي لا يرضيه إلا الإسلام أو الحسام.
فضمن إرشاد الطريق، وسار أمامه هاديا. فما زال يفتح الصياصي والقلاع حتى مر بقلعة هارون، فلما رأى ملكها الأرض تموج بأنصار الله ومن حولها الملائكة زلزلت قدمه، وأشفق أن يراق دمه، ورأى أن يتقي بالإسلام بأس الله، وقد شهرت حدوده ونشرت بعذبات العذاب بنوره، فنزل في عشرة آلاف ينادون بدعوة الإسلام.
ثم سار بجيوشه إلى القلعة كلنجد، وهو من رؤوس الشياطين، فكانت له معه ملحمة عظيمة، هلك فيها من الكفار خمسون ألفا، من بين قتيل وحريق وغريق. فعمد كلنجد إلى زوجته فقتلها، ثم ألحق بها نفسه. وغنم السلطان مائة وخمسة وثمانين فيلا، ثم عطف إلى البلد الذي يسمى المعبد، وهو مهرة الهند بطالع أبنيتها التي تزعم أهلها أنها من بناء الجن، فرأى ما يخالف العادات، وتفتقد روايتها إلى الشهادات. وهي مشتملة على بيوت أصنام بنقوش مبدعة، وتزاويق تخطف البصر.
قال: وكان فيما كتب به السلطان أنه لو أراد مريد أن يبني ما يعادل تلك الأبنية ليعجز عنها بإنفاق مائة ألف ألف درهم، في مدة مائتين سنة، على أيدي عملة كملة، ومهرة سحرة.
وفي جملة الأصنام خمسة من الذهب معمولة طول خمسة أذرع، عينا كل واحد منها ياقوتتان، قيمتهما خمسون ألف دينار بل أزيد. وعلى آخر ياقوتة زرقاء، وزنها أربعمائة وخمسون مثقالا. فكان جملة الذهبيات الموجودة على أحد الأصنام المذكورة ثمانية وتسعين ألف مثقال.
ثم أمر السلطان بسائر الأصنام فضربت بالنفط، وحاز من السبايا والنهاب ما يعجز عنه أنامل الحساب. ثم سار
(٣٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 ... » »»