فأما الفرس فإنهم أجروا معاملاتهم على السنة المعتدلة التي شهورها اثني عشر شهرا، وأيامها ثلاثمائة وستون يوما، ولقبوا الشهور اثني عشر لقبا، وسموا الأيام بأسامي، وأفردوا الأيام الخمسة الزايدة وسموا المشرقة، وكسبوا الربع في كل مائة وعشرين سنة شهرا، فلما انقرض ملكهم بطل ذلك. وذكر كلاما طويلا حاصله تعجيل الخراج وحساب أيام الكسر.
قال ثابت بن سنان: ودخلت الروم عين زربه مع الدمستق في مائة وستين ألفا، وهي في سفح جبل مطل عليها، فصعد بعض جيشه الجبل، ونزل هو على بابها، وأخذوا في نقب الصور، فطلبوا الأمان، فأمنهم، وفتحوا له، فدخلها وقدم جيشا منهم، ونادى بأن يخرج جميع من في البلد إلى الجامع. فلما أصبح بث رجاله وكانوا ستين ألفا فكل من وجدوه في منزله قتلوه، فقتلوا عالما لا يحصى، وأخذوا جميع ما كان فيها. وكان من جملة ما أخذوا أربعون ألف رمح. وقطع لعنه الله من حوالي البلد أربعين ألف نخلة، وهدم البيوت وأحرقها. ونادى: من كان في الجامع فليذهب حيث شاء، ومن أمسى فيه قتل، فازدحم الناس في أبوابه، ومات جماعة ومروا على وجوههم حفاة عراة لا يدرون أين يذهبون، فماتوا في الطرقات جوعا وعطشا، وأخرب السور والجامع، وهدم حولها أربعة وخمسين حصنا، أخذ منها بالأمان جملة ومنها بالسيف. انتهى قول ثابت.