تاريخ الإسلام - الذهبي - ج ٢٥ - الصفحة ١١٥
واسمه محمد القائم بأمر الله، أبو القاسم ابن الملقب بالمهدي عبيد الله، الذي توثب على الأمر، وادعى أنه علوي فاطمي. بايع أبا القاسم والده بولاية العهد من بعده بإفريقية، وجهزه في جيش عظيم إلى مصر مرتين ليأخذها. المرة الأولى في سنة إحدى وثلاثمائة، فوصل إلى الإسكندرية، فملكها وملك الفيوم، وصار في يده أكثر خراج مصر، وضيق على أهلها. ثم رجع. ثم قدمها في سنة سبع وثلاثمائة، فنزح عامل المقتدر عن مصر ودخلها. ثم خرج إلى الجيزة في جحفل عظيم، فبلغ المقتدر، فجهز مؤنسا الخادم إلى حربه، فجد في السير وقدم مصر، والقائم مالك الجيزة والأشمونين وأكثر بلاد الصعيد، فالتقى الجمعان وجرت بينهما حروب لا توصف. ووقع في جيش القائم الوباء والغلاء، فمات الناس وخيلهم. فتقهقر إلى إفريقية، وتبعه عسكر المسلمين إلى أن بعد عنهم ودخل المهدية، وهي المدينة التي بناها أبوه.
وفي أيامه خرج عليه أبو يزيد مخلد بن كيداد، وخرج معه خلق كثر من المسلمين الصلحاء ابتغاء وجه الله تعالى لما رأوا من إظهاره للبدعة وإماتته للسنة. وجرت له مع هؤلاء أمور.
وبخروج هذا الرجل الصالح وأمثاله على بني عبيد، أحسنوا السيرة مع الرعية، وتهذبوا وطووا ما يرومونه من إظهار مذهبهم الحبيث، وساسوا ملكهم، وقنعوا بإظهار الرفص والتشيع. توفي القائم بالمهدية في شوال سنة أربع هذه، ومخلد المذكور محاصرا له. وقيل: إن مخلد كان على رأي الخوارج.
(١١٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 110 111 112 113 114 115 116 117 118 119 120 ... » »»