وقال أبو بكر الصولي: جالست الحلاج، فرأيت جاهلا يتعاقل، وعييا يتبالغ، وفاجرا يتزهد.
وكان ظاهره أنه ناسك، فإذا علم أن أهل بلدته يرون الاعتزال صار معتزليا، أو يرون التشيع تشيع، أو يرون التسنن تسنن. وكان يعرف الشعبذة والكيمياء والطب. وكان حينا ينتقل في البلاد، ويدعي الربوبية، ويقول للواحد من أصحابه: أنت آدم ولذا: أنت نوح ولذا: أنت محمد. ويدعي التناسخ، وأن أرواح الأنبياء انتقلت إليه.
وروى علي بن أحمد الحاسب، عن أبيه قال: وجهني المعتضد إلى الهند، وكان معنا في السفينة رجل يقال له الحسين بن منصور، قلت: فيم جئت قال: أتعلم السحر، وأدعو الخلق إلى الله.
وقال أبو بكر الصولي: قبض علي بن أحمد الراسبي الأمير الحلاج وأدخله بغداد وغلاما له على جمل مشهورين سنة إحدى وثلاثمائة. وكتب يذكر أن البينة قامت عنده أنه يدعي الربوبية) ويقول بالحلو. فأحضره علي بن عيسى الوزير، وأحضر العلماء فناظروه، فأسقط في لفظه، ولم يجده يحسن من القرآن شيئا ولا من غيره. ثم حبس مدة.
قال الصولي: كان يري الجاهل شيئا من شعبذته، فإذا وثق به دعاه إلى أنه إله، فدعا فيمن دعا أبا سعيد بن نوبخت، فقال له، وكان أقرع: أنبت في مقدم رأسي شعرا.
ثم ترقت به الحال، ودافع عنه نصر الحاجب لأنه قيل إنه سني، وإنما يريد قتله الرافضة.
قال: وكان في كتبه: إني مغرق قوم نوح ومهلك عاد وثمود.
وكان حامد بن العباس الوزير قد وجد له كتبا فيها أنه إذا صام الإنسان وواصل ثلاثة أيام وأخذ في اليوم الرابع ورقات هندباء فأفطر عليها أغناه عن صوم رمضان.