تاريخ الإسلام - الذهبي - ج ٢١ - الصفحة ٩٧
قال: نعم.
قال: اذهبوا به فاقتلوه.
وقال: إن اخترتم أن أؤدي عنه الدية، وأوليكم شيئا فعلت.
قالوا: ما نريد إلا القصاص.
وراحوا به، فلما هموا بقتله برز رجل من الحلقة وقال: والله ما هذا قتله، وأنا قتلته.
فرجعوا به، فأقر عند الأمير، فقال لذلك: وما الذي ألجأك إلى الإقرار قال: أصلح الله الأمير، عبرت فوجدت أبوهم يضطرب والسكين في نحره، فخطر لي أنني إن أزلت السكين من نحره ربما سلم. فأزلتها فمات والسكين في يدي، والدم على ثوبي، فرأيت الإقرار أولى من العذاب بالضرب والمثلة.
فقال الأمير: وهذا أيضا إن أخذتم أخذ الدية وأن أوليكم فعلت.
قالوا: ما نريد إلا القود.
ثم راحوا ليقتلوه، فبدرهم من الحلقة وقال: والله ما قتله الأول ولا الثاني. وما قتله إلا أنا.
فردوا إلى الأمير، وزاد التعجب، فقال: لذلك: أقتلته قال: لا والله.
قال: فما أحوجك إلى الإقرار قال: إني كنت في شبابي مسرفا على نفسي، وقد قتلت جماعة ثم تبت ورجعت إلى الله. وكنت في غرفة لي، فأخرجت رأسي فرأيت الشيخ قد اضجعه رجل وذبحه وهرب، فجاء ذلك وأنا أنظر، فأزال السكين، فأمسكوه، وأنا أعلم براءته، فلما قبل بالقتل سمحت نفسي بالقتل، عسى أن يغفر لي ما مضى.
فسأل الثالث فأقر، وأبدى أسبابا عرف بها أنه قاتله.
وقال: لما رأيت هذا وهو بريء قد فدى بنفسه ذاك الأول.
قلت: أنا أولى من أداء حق وجب علي.
(٩٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 92 93 94 95 96 97 98 99 100 101 102 ... » »»