تطيرا من طلعة المشيب، ويزعمون أنه يورث البصر خوارا، والجسم ضمورا.
ثم إن المعتضد قتل السرخسي لفلسفته وسوء اعتقاده.
قال المرزباني: نا علي بن هارون بن علي بن يحيى المنجم: أخبرني عبيد الله بن أحمد بن أبي طاهر: حدثني أبو أحمد يحيى بن علي النديم قال: حضرت أحمد بن الطيب وهو للمعتضد: قد بعت دفاتري التي في النجوم والفلسفة والكلام والشعر، وتركت ما فيها من الحديث، وما همي في هذا الوقت إلا الفقه والحديث. فلما خرج قال المعتضد: أنا أعلم أنه زنديق، وإن هذا الذي فعله كله رياء.
فلما خرجت قلت فيه:
* يا من يصلي رياء * ويظهر الصوم سمعه * * قد كنت عطلت دهرا * فكيف أسلمت دفعه) * (قل لي: أبعد اتباع ال * كندي تعمر ربعه * * وليس يعبد ربا * ولا يدين بشرعه * * إن قلت: قد تبت * فالشيخ لا يفارق طبعه * * أظهرت تقوى ونسكا * هيهات في الأمر صنعه * روى علي التنوخي، عن أبيه، أن المعتضد أسر إلى أحمد بن الطيب أنه قابض على وزيره عبيد الله بن سليمان، فأفشى ذلك إليه، فقبض المعتضد على أحمد.
قال: وقيل بل دعا المعتضد إلى مذهب الفلاسفة، فاستحل دمه، فأرسل إليه يقول: أنت عرفتنا أن الحكماء قالوا: لا يجب للملك أن يغضب، فإذا غضب فلا يجب له أن يرضى، ولولا ذلك أطلقتك لسالف خدمتك، فاختر أي قتله أقتلك، فاختار أن يطعم اللحم الملبب، وأن يسقي الخمر حتى يسكر، ويفصد في يديه حتى يموت، ففعل به ذلك. وظن أحمد أن دمه إذا فرغ يموت في الحال بغير ألم، فانعكس ظنه، ففصد وبذل جميع دمه، وبقيت فيه حياة،