مجلس المأمون جعل المأمون يقول: يا ساعي.
يرددها.
قال: يا أمير المؤمنين إن أذنت لي في الكلام تكلمت.
قال: تكلم.
قال: والله ما أنا بساعي، ولكني أحضرت فسمعت، وأطعت حين دعيت، ثم سئلت عن أمر فاستعفيت، فلم أعف ثلاثا، فكان الحق آثر عندي من غيره.
فقال المأمون: هذا رجل أراد أن يرفع له علم ببلده، خذه إليك.
وقال أحمد بن المؤدب: خرج المأمون وأخرج بالحارث سنة سبع عشرة ومائتين. وخرجت امرأة الحارث فحجت وذهبت إليه إلى العراق.
وقال محمد بن عبد الله بن عبد الحكم: قال لي أبي دؤاد: يا أبا عبد الله لقد مكر حارثكم لله عز وجل وحل مقام الأنبياء.
وكان ابن أبي دؤاد إذا ذكره أعظمه جدا.
قال القراطيسي: فأقام الحارث ببغداد ستة عشرة سنة، وأطلقه الواثق في آخر أيامه، فنزل إلى مصر.) قال ابن قديد: أتاه في سنة سبع وثلاثين كتاب ولاية القضاء وهو بالإسكندرية فآمتنع، فلم يزل به إخوانه حتى قبل وقدم مصر. فجلس للحكم، وأخرج أصحاب أبي حنيفة، والشافعي من المسجد وأمر بنزع حصرهم من العمد، وقطع عامة المؤذنين من الأذان، وأصلح سقف المسجد، وبنى السقاية، ولا عن بين رجل وامرأته، ومنع النداء على الجنائز، وضرب الحد في سب عائشة، رضي، الله عنها، وقتل ساحرين.