تاريخ الإسلام - الذهبي - ج ١٧ - الصفحة ٣٧
قال: فأحيا الليل بعد ذلك حتى مات.
وقال زكريا بن حرب: كان أخي احمد ابتدأ في الصوم وهو في الكتاب. فلما راهق حج مع أخيه الحسين، وأقاما بالكوفة لطلب العلم، وببغداد والبصرة، ثم قدم، فأقبل على العبادة لا يفتر، وأخذ المواعظ والذكر، وحث على العبادة، واقبل الناس على مجلسه، وألف كتاب الأربعين، وكتاب عيال الله، وكتاب الزهد وكتاب الدعاء. وكتاب الحكمة، وكتاب المناسك، وكتاب التكسب. ورغب الناس في سماعها: فلما ماتت أمه سنة عشرين ومائتين عاد إلى الحج والغزو، وخرج إلى الترك، وفتح فتحا عظيما، فحسده عليه أصحاب الرباط، وسعوا فيه إلى عبد الله بن طاهر. فأدخل عليه، فلم يأذن له في الجلوس وقال: تخرج وتجمع إلى نفسك هذا الجمع، وتخالف أعوان السلطان. ثم علم ابن طاهر صدقه فتركه، فخرج إلى مكة وجاور. وعن أحمد بن حرب قال: قال ابن المبارك: أربعة، منها ثلاثة مجاز، وواحد حقيقة: عمرنا في الدنيا، ومكثنا في القبور، ووقوفنا في الحشر، ومنصرفنا إلى الأبد، فهو الحقيقة، وما قبله مجاز.
وأحمد بن حرب تنحله الكرامة وتخضع له، لأنه شيخ بن كرام. وعن يحيى بن يحيى النيسابوري قال: إن لم يكن أحمد بن حرب من الأبدال فلا أدري من هم. وقال محمد بن الفضل البخاري: سمعت نصر بن محمود البلخي يقول: قال أحمد بن حرب: عبدت الله خمسين سنة، فما وجدت حلاوة العبادة حتى تركت ثلاثة أشياء: تركت رضى الناس حتى قدرت أتكلم بالحق.
(٣٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 ... » »»