تاريخ الإسلام - الذهبي - ج ١٧ - الصفحة ٢٤٥
لم يفارق الشام، وكان شيعيا ظريفا خليعا ماجنا، له مراث في الحسين. وكان مولده سنة إحدى وستين ومائة. اخذ عنه: أبو تمام الطائي، وغيره. وقيل إن أبا نواس لما سار إلى مصر ليمدح الخصيب بن عبد الحميد اجتاز بحمص فاختفى منه ديك الجن واستصغر نفسه معه، فجاء إلى داره وقال: لجاريته، قولي أن يخرج، فقد فتن أهل العراق بقوله:
* موردة من كف ظبي كأنما * تناولها من خده فأدارها * فلما سمع ذلك خرج إليه وأدخله، وعمل له ضيافة. ومن أبيات هذه القصيدة:
* فقم أنت فاحثث كأسها غير صاغر * ولا تسق غير خمرها وعقارها * * فقام يكاد الكأس يحرق كفه * من الشمس أو من وجنتيه استعارها * * ظللنا بأيدينا نتعتع روحها * فتأخذ من أرواحنا الراح ثارها * عن يقظان بن سلام قال: قلنا لأبي تمام: لو نهيت ديك الجن مما هو فيه، ولك عشرة آلاف درهم. قال أبو تمام: فدخلت عليه وهو مطرح على حصير سكران، وعلى رأسه غلام يروحه.
فلما رآني الغلام نبهه، فلما رآني قام يلبني، وقال تحسن تقول مثلي ثم أنشد:
* أما ترى راهب الأسحار قد هتفا * وحث تغريده لما علا السعفا * * أوفى يصيغ إلى فانوس مغرقة * كغرة التاج لما عولي الشرفا * * مشنف بعقيق فوق مديحه * هل كنت في غير أذن تعهد الشنفا * * لما أراحت رعاة الليل عارية * من الكواكب كادت ترتقي السدفا * * هز اللواء على ما كان من هيف * فارتج لما علاه اهتز ثم هفا * * ثم استمر كما غنى على طرب * تكدر الماء على تغريده وصفا *
(٢٤٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 240 241 242 243 244 245 246 247 248 249 250 ... » »»