القوم، فسألوه عن حاله، فصدقهم، فنهضواجميعا حتى دخلوا المطبخ وعاينوا الحال، فكثر تعجبهم حتى قال بعضهم: هذا من فعل الجن.
فلمح رجل، منهم ميسرة، وكان يعرفه، فصاح: قد عرفت والله الخبر، هذا ميسرة عندك، وهو أكل طعامك.
قال: فاستنزلوه من الموضع وقال: أنا أكلته، ولو كان لي مثله لأكلته فجربوا إن شتم.
فانصرف القوم إلى منازلهم، وطلع إلى عمله.
رواها أبو محمد بن زبر القاضي، عن الحسن بن عليل القاضي، عن مسعود بن بشر، عن الأصمعي.) فميسرة هذا كان يأكل بالحال. ألا تراه ذكر أن عادته أكل رغيفين كآحاد الناس، وأنه أكل ما يكفي سبعين رجلا ونحو ذلك عندما يجمع همته، وقد رأيت أنا من يأكل إذا أراد بالحال. وهذا الحال ليس من كرامات الأولياء، فإن الأولياء أكلهم قليل. والمؤمن يأكل في معاء واحد، والكافر يأكل في سبعة أمعاء. وأيضا فالولي يأكل قوت يوم في أسبوع، يتقوت به ويبارك له في طعامه وفي قواه، لا أنه يأكل نصف قنطار من الطعام في جلسة واحدة. ولعل من يفعل هذا لا يسمي الله.
وقيل: بنفسه مادة محرقة للأكل، وقد تعينه الشياطين في أكل ذلك فيفرغ وتطير بركته، ويظن هو ومن حضره أن هذا الفعل من كرامات المتقين وإنما كرامات السادة أن يحضر أحدهم ما يكفي واحدا، فيقوت به الجمع الكبير، ويشبعون ببركة دعائه.
والله أعلم.