تاريخ الإسلام - الذهبي - ج ١٠ - الصفحة ٥٢
وأمسينا ليلة مع إبراهيم وليس لنا شيء نفطر عليه، فرآني حزينا فقال: يا ابن بشار، ماذا أنعم الله على الفقراء والمساكين من النعيم والراحة في الدنيا والآخرة لا يسألهم يوم القيامة عن زكاة، ولا حج، ولا صدقة، ولا صلة رحم، لا تغنم، فرزق الله مضمون، سيأتيك. نحن والله الملوك الأغنياء، نحن والله الذين تعجلنا الراحة، لا نبالي على أي حال أصبحنا وأمسينا إذا أطعنا الله. ثم قام إلى صلاته، وقمت إلى صلاتي، فما لبثنا إلا ساعة، فإذا برجل قد جاء بثمانية أرغفة وتمر كثير، فوضعه، فقال: كل يا مغموم، فدخل سائل فقال: أطعمونا فدفع إليه ثلاثة أرغفة مع تمر، وأعطاني ثلاثة وأكل رغيفين.
وكنت مارا مع إبراهيم، فأتينا على قبر مسنم، فترحم عليه، وقال: هذا قبر حميد بن جابر أمير هذه المدن كلها، كان غرق في بحار الدنيا ثم أخرجه الله منها.
بلغني أنه سر ذات يوم بشيء ونام، فرأى رجلا بيده كتاب، فناوله ففتحه، فإذا فيه كتاب بالذهب مكتوب: لا تؤثرن، فإننا على باق، ولا تغترن بملكك، فإن ما أنت فيه جسيم، لولا أنه عديم، وهو ملك، لولا أن بعده هلك، وفرح وسرور، لولا أنه لهو وغرور وهو يوم لو كان يوثق له بغد، فسارع إلى أمر الله، فإن الله قال: سارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين فانتبه فزعا وقال هذا تنبيه من الله وموعظة، فخرج من ملكه وقصد هذا الجبل، فعبد الله فيه حتى مات.
إسحاق بن الضيف: ثنا علي بن محمد المعلم، عن أبيه، أن
(٥٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 ... » »»