تاريخ الإسلام - الذهبي - ج ١٠ - الصفحة ٤٣٩
قطع به عذرك، فمهما ادعيت من حجة، أو ركبت من شبهة، لم يصح لك برهان من الله، فيها حل بك من سخط الله بقدر ما نجا هلته من العلم، وأقدمت عليه من شبه الباطل، وأعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خصم من خالفه، وأثبت الناس قدما يوم القيامة، آخذهم بالكتاب والسنة، فمثلك لا يكابر بتجريد المعصية، لكن بمثل الإساءة إحسانا، ويشهد له عليها خونة العلماء، فهذه الخيالة تصيدت الدينا نظراءك، فأحسن الجهل، فقد أحسن من وعظك الآداء.
قيل: قبل رجل يد المهدي وقال، يدك يا أمير المؤمنين أحق بالتقبيل لعلوها بالمكارم، وطهارتها من المآثم، وإنك ليوسفي العفو، إسماعيلي الصدق، شعيبي الرفق، فمن أرادك بسوء جعله الله طريد خوفك، حصيد سيفك.
وأثني عليه بالشجاعة فقال: ومالي لا أكون شجاعا وما خفت أحدا إلا الله.
وروى ابن أبي الدينا: أن المهدي كتب إلى الأمصار يزجر أن يتكلم أحد من أهل الأمراء في شيء منها.
وعن يوسف قال: لما ولي المهدي رفع أهل البدع رؤوسهم، وأخذوا في الجدل، فأمر أن يمنع الناس من الكلام، وأن لا يخاض في شيء منه، فانقمعوا.
وقال داود بن رشيد: سمعت سلما الحاجب يقول: هاجت ريح سوداء، فخفنا أن تكون الساعة، وطلبت المهدي في الإيوان فلم أجده، ثم سمعت حركة في بيت، فإذا هو ساجد على التراب يقول: اللهم لا تشمت بنا أعداءنا من الأمم، ولا تفجع بنا نبينا، اللهم وإن كنت أخذت العامة بذنبي فهذه ناصيتي بيدك، فما أتم كلامه حتى انجلت.
(٤٣٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 433 435 436 437 438 439 440 441 442 443 444 ... » »»