وقد كان قوم من الكوفيين من شيعتهم، وممن بايع لهم مختفين في دار، فمضوا إليهم، فلما كان آخر الليل خرجوا، وأقبل يحيى حتى ضرب دار الأمير بالسيف، فلم يخرج وكأنه علم بأمرهم، فاختفى، فجاؤوا واقتحموا المسجد وقت الصبح، فجلس الحسين على المنبر، وجعل الناس يأتون للصلاة، فإذا رأوهم رجعوا، فلما صلى الغداة جعل الناس يأتونه ويبايعونه، فأقبل خالد البربري وهو نازل بالمدينة يحفظها من خروج خارج، ومعه مائتا فارس، فأقبل بهم السلاح، ومعه أمير المدينة عمر بن عبد العزيز العمري أخو الزاهد العمري، ومعهم الحسين بن جعفر بن الحسين بن الحسين بن علي الحسني على حمار فاقتحم خالد البربري الرحبة، وقد ظاهر بين درعين، وجذب السيف وهو يصيح: يا حسين يا كشكاش، قتلني الله إن لم أقتلك. وحمل عليهم حتى خالطهم، فقام إليه يحيى بن عبد الله وأخوه إدريس، فضربه يحيى فقطع انفه، فدخل الدم في عينيه، فجعل يذب عن نفسه بالسيف وهو لا يبصر، فاستدار له إدريس فضربه فصرعه، ثم جرد وسحب إلى البلاط، وانهزم عسكره، قال عبد الله بن محمد: هذا كله بعيني.
وجرح يحيى، وشدوا على المسودة، وبينهم الحسن بن جعفر، فصاح الحسين: ارفقوا ويلكم) بالشيخ، ثم انتبهوا بيت المال.
وكان المنصور قد أضعف أمر المدينة إلى الغاية، وأخلاها من السلاح والمال، قال: فوجدوا في بيت المال بضعة عشر ألف دينار ليس إلا.
وقيل: وجدوا سبعين ألف دينار.
وأغلق الرعية أبوابهم، فلما كان من الغد تهيأ الجمعان للحرب، فالتقوا، وكثر الجراح، ودام القتال إلى الظهر، ثم تحاجزا، فجاء الخبر بالعشي أن مباركا التركي نزل بئر المطلب، فانضم إليه العسكر، فأقبل من