وقيل: كان يعقوب قد عرف من المهدي خلقه ونهمته في النساء والجماع، وكان يباسطه في ذلك، فذكر علي بن يعقوب بن داود، عن أبيه قال: بعث إلي المهدي فدخلت، فإذا هو في مجلس مفروش في غاية الحسن، وبستان فيه أنواع الأزهار، وإذا عنده جارية ما رأيت مثلها، فقال: كيف ترى قلت: متع الله أمير المؤمنين، لم أر كاليوم، فقال: هو لك، خذ المجلس بما فيه والجارية. فدعوت له ثم قال: ولي إليك حاجة. قلت: الأمر لك، فحلفني بالله، فحلفت له، فقال: ضع يدك على رأسي واحلف. ففعلت، فقال: هذا فلان من ولد فاطمة أحب إلي أن تريحني منه وتسرع، قلت: أفعل. قال: فحولته إليه وحولت الجارية والمفارش، وأمر لي بمائة ألف.
فمضيت بالجميع، فلشدة سروري بالجارية تركتها عندي في المجلس، وأدخلت علي العلوي، فأخبرني بجمل من حاله، فإذا ألب الناس وأحسنهم إبانة، وقال لي: ويحك، تلقى الله غدا بدمي، وأنا ابن بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم. قلت: فهل فيك خير، قال: إن فعلت بي خيرا شكرت، ذلك عندي دعاء واستغفارا، قلت: فأي الطريق تحب ثم أعطيته مالا، وهيأت معه من يوصله في الليل، فإذا الجارية قد حفظت علي قولي، فبعثت به إلى المهدي، فشحن تلك الطريق برجال، فلم يلبث أن جاءوه بالعلوي.
قال: فلما طلع النهار طلبني المهدي، فدخلت عليه، فأحضر العلوي والمال، بعد أن كان حلفني أنني قتلته، فحلفت، قال: فأسقط في يدي، فقال لي: قد حل دمك، ثم حبسني في المطبق دهرا، وأصبت ببصري، وطال شعري حتى استرسل، قال: فإني لكذلك، إذا دعي لي، فمضوا بي إلى موضع، فقيل: سلم على أمير المؤمنين وقد عميت فسلمت، فقال لي: أي أمير المؤمنين أنا قلت: المهدي، قال: رحم الله المهدي. قلت: فالهادي، قال: رحم الله الهادي. قلت: فالرشيد، قال: نعم، سل حاجتك، قلت المجاورة بمكة، قال: نفعل، فهل غير هذا قلت: ما بقي في