تاريخ الإسلام - الذهبي - ج ١٠ - الصفحة ١٧٨
إلى كتبه فغرقها في الفرات، وأقبل على العبادة وتخلى.
وكان زائدة صديقا له، فأتاه يوما فقال: يا أبا سليمان: ألم، غلبت الروم، قال: وكان يجيب في هذه الآية، فقال له: يا أبا الصلت، انقطع الجواب، وقام ودخل بيته.
رواها ابن المديني، عن سفيان، وزاد فيها: كان داود ممن علم وفقه ونفذ في الكلام قال: وأخذ حصاة فحذف بها إنسانا، فقال له أبو حنيفة: يا أبا سليمان، طال لسانك وطالت يدل، فاختلف بعد ذلك سنة لا يسأل ولا يجيب.
وقيل: كان داود يعالج نفسه بالصمت، فأراد أن يجرب نفسه هل يقوى على العزلة، فقعد في مجلس أبي حنيفة سنة لم ينطق، ثم اعتزل الناس.
قال أبو أسامة: جئت أنا وابن عيينة إلى داود الطائي، فقال: جئتماني مرة فلا تعودا إلي.
وعن الربيع الأعرج قال: كان داود الطائي لا يخرج من منزله حتى يقول المؤذن: قد قامت الصلاة، فإذا سلم الإمام أخذ نعله ودخل منزله، فأتيته فقلت: أوصني، قال: اتق الله، وبر والديك، ثم قال: ويحك، صم الدنيا، واجعل الفطر الموت، واجتنب الناس غير تارك لجماعتهم.
وعن ابن إدريس: قلت لداود: أوصني، قال: أقلل من معرفة الناس، قلت: زدني، قال: إرض باليسير مع سلامة الدين، كما رضي
(١٧٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 173 174 175 176 177 178 179 180 181 182 183 ... » »»