تاريخ الإسلام - الذهبي - ج ٩ - الصفحة ٢٨
العراق. ثم إن عيسى أحاط بالمدينة في أثناء شهر رمضان، ثم دعا محمد إلى الطاعة ثلاثة أيام، ثم ساق) بنفسه في خمسمائة فوقف بقرب السور فنادى: يا أهل المدينة إن الله قد حرم دماء بعضنا على بعض، فهلموا إلى الأمان، فمن جاء إلينا فهو آمن، ومن دخل داره أو المسجد أو ألقى سلاحه فهو آمن، خلوا بيننا وبين صاحبنا فإما لنا وإما له، قال فشتموه، فانصرف يومئذ ففعل من الغد كذلك، ثم عبأ جيشه في اليوم الثالث، وزحف فلم يلبث أن ظهر على المدينة، ولما التحم الحرب نادى: يا محمد إن أمير المؤمنين امرني أن لا أقاتل حتى أعرض عليك الأمان، فلك الأمان على نفسك ومن اتبعك، وتعطى من المال كذا وكذا، فصاح: أله عن هذا، فقد علمت أنه لا يثنيني عنكم فزع، ولايقربني منكم طمع، ثم ترجل. قال عثمان بن محمد بن خالد: فإني لأحسبه قتل يومئذ بيده سبعين رجلا.
وروى محمد بن زيد قال: دعا عيسى عشرة من آل أبي طالب منهم القاسم بن حسن بن زيد بن حسن بن علي، قال: فجئنا سوق الحطابين، فدعوناهم فسبونا ورشقونا بالنبل، وقالوا: هذا ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم معنا ونحن معه، فقال لهم القاسم: وأنا ابن رسول الله، وأكثر من ترون معي بنو رسول الله، ونحن ندعوكم إلى كتاب الله وحقن دمائكم، ورجعنا، فأرسل عيسى حميد بن قحطبة في مائة. وجعل محمد ستور المسجد درائع لأصحابه، وكان مع الأفطس علم أصفر فيه صورة حية.
وقال عبد الحميد بن جعفر: كنا يومئذ مع محمد بن علي عدة أصحاب بدر، ثم لقينا عيسى فتبادر جماعة.
وعن مسعود الرحال قال: شهدت مقتل محمد بالمدينة، فإني لأنظر إليهم عند أحجار الزيت، وأنا مشرف من سلع، إذ نظرت إلى رجل من أصحاب
(٢٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 ... » »»