تاريخ الإسلام - الذهبي - ج ٩ - الصفحة ٢٧
عنها راد فيقاتل الرجل بمثل رجاله وسلاحه، فصاح جبير بن عبد الله: أعوذ بالله أن تخرج من المدينة وقد ورد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: رأيتني في درع حصينة فأولتها المدينة. ثم إن محمدا استشار: هل يخندق على نفسه، فاختلف عليه رأي أصحابه، فلما تيقن قرب عيسى بن موسى منه، حفر خندق رسول الله صلى الله عليه وسلم وحفر فيه بيده تأسيا بالنبي صلى الله عليه وسلم.
وعن عثمان الزبيري قال: اجتمع مع محمد جمع لم أر أكثر منه، إني لأحسبنا قد كنا مائة ألف، فلما دنا منا عيسى خطبنا محمد فقال: إن هذا الرجل قد قرب منكم في عدد وعدد، وقد حللتكم من بيعتي، فمن أحب فلينصرف، قال: فتسللوا حتى بقي في شرذمة. وخرج الناس من المدينة بأولادهم إلى الأعوص والجبال، فلم يتعرض لهم عيسى، بل جهز خمسمائة إلى ذي الحليفة يمسكون طريق مكة على محمد، ثم راسله يدعوه إلى الطاعة وأن المنصور قد أمنه، فأرسل إليه: إياك أن يقتلك من يدعوك إلى الله فتكون شر قتيل، أو تقتله فيكون أعظم لوزرك. فأرسل إليه عيسى: ليس بيننا إلا القتال، فإن أبيت إلا القتال نقاتلك على ما قاتل عليه خير آبائك، علي طلحة والزبير على نكث بيعتهم له.
وعن ماهان مولى قحطبة قال: لما صرنا إلى المدينة أتانا إبراهيم بن جعفر بن مصعب طليعة فطاف بعسكرنا حتى حزره، ثم ذهب عنا فرعبنا منه، حتى جعل عيسى وحميد بن قحطبة يقولان: فارس واحد يكون طليعة لأصحابه فلما كان عنا مد البصر نظرنا إليه مقيما لا يزول، فقال حميد: ويحكم انظروا، فوجه إليه فارسين، فوجدا دابته عثرت به فتقوس الجوشن في عنقه فقتله، فأخذ سلبه ورجعا بتنور مذهب لم ير مثله. قيل كان لمصعب جده أمير
(٢٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 ... » »»