ويقال: كان ابن المقفع علمه أكثر من عقله. وهو الذي وضع كتاب كليلة ودمنة فيما قيل، والأصح أنه هو الذي عربه من الفارسية.
قال الهيثم بن عدي: جاء ابن المقفع إلى عيسى بن علي فقال: أريد أن أسلم على يديك، فقال: ليكن ذلك بمحضر من وجوه الناس غدا، ثم جلس ابن المقفع وهو يأكل ويزمزم على دين المجوسية فقال له عيسى: أتزمزم وأنت تريد أن تسلم قال: أكره أن أبيت على غير دين. وكان ابن المقفع يتهم بالزندقة.
وعن المهدي قال: ما وجدت كتاب زندقة إلا وأصله ابن المقفع.
وقيل: إن ابن المقفع كان ينال من متولي البصرة سفيان بن معاوية بن يزيد بن المهلب ويسميه ابن المغتلمة، فحنق عليه وقتله بإذن المنصور، ولكونه كتب في توثق عبد الله بن علي من المنصور يقول: ومتى غدر بعمه فنساؤه طوالق، وعبيده أحرار، ودوابه حبس، والمسلمون في حل من بيعته. فلما وقف المنصور على ذلك عظم عليه وكتب إلى سفيان يأمره بقتله.
وقال المدائني: دخل ابن المقفع على سليمان وقال: أتذكر ما كنت تقول في أمي قال: أنشدك الله أيها الأمير في نفسي، فأمر له بتنور فسجر ثم قطع أربعته ثم سائر أعضائه وألقاها في التنور، وهو ينظر، وقال: ليس علي في المثلة بك حرج لأنك زنديق قد أفسدت الناس، فسأل سليمان بن علي وعيسى عنه فقيل: إنه دخل دار سفيان بن معاوية سليما ولم يخرج، فخاصماه إلى المنصور وأحضراه مقيدا فشهد شهود بالحال فقال المنصور: أرأيتم إن قتلت سفيان، فخرج ابن المقفع من هذا المجلس أأقتلكم بسفيان فنكلوا عن الشهادة كلهم وعلموا أنه برضا المنصور.