تاريخ الإسلام - الذهبي - ج ٨ - الصفحة ٣٩٤
قال يونس بن محمد المؤدب: سمعت مشيخة يقولون: كان الحسن يجلس يذكر في كل يوم وكان حبيب أبو محمد يقعد في مجلسه الذي يأتيه فيه أهل الدنيا والتجار وهو غافر عما فيه الحسن لا يلتفت إلى شيء من مقالته غلى أن التفت يوما فقال أين برهمي درآيد درآيد خلوات فقيل: والله يا أبا محمد يذكر الجنة ويذكر النار ويرغب في الآخرة ويزهد في الدنيا، فوقر ذلك في قلبه، فقال بالفارسية: إذهبوا بنا إليه فأتاه فقال جلسان الحسن: هذا حبيب أبو محمد قد أقبل إليك فعظه، فأقبل إليه فوقف عليه فقال: أين همي كوئي بركوي فقال الحسن فذكره الجنة وخوفه النار ورغبة في الخبر، فقال: إن كوئي قال الحسن: أنا ضامن لك على الله ذلك، فانصرف من عنده فلم يزل في إنفاق أمواله حتى لم يبق على شيء ثم جعل بعد يستقرض على الله.
وقال أحمد بن أبي الحواري: قال أبو سليمان الداراني لنا: كان حبيب أبو محمد يأخذ متاعا من التجارة يتصدق به فأخذ مرة فلميجد ما يعطيهم فقال: يا رب كأنه قال: إني منكسر وجهي عندهم فدخل فإذا هو بجوالق من شعر كأنه نصب من أرض البيت إلى قريب من السقف مليء دراهم فقال: يا رب ليس أريد هذا فأخذ حاجته وترك البقية، وقال: سار بنا جعفر بن سليمان قال: كنا ننصرف من مجلس ثابت البناني فنأتي حبيبا أبا محمد فيحث على الصدقة فإذا وقعت قام فتعلق بقرن معلق في بيته ثم يقول: ها قد تغديت وطابت نفسي فليس في الحي غلام مثلي إلا غلام قد تغذى قبلي
(٣٩٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 389 390 391 392 393 394 395 396 397 398 399 ... » »»