تاريخ الإسلام - الذهبي - ج ٨ - الصفحة ٣٤١
ولما بلغ أهل الجزيزة هيج أهل الشام خلعوا السفاح أيضا وبيضوا وبيض أهل قرقيسيا، فسار) لحربهم أبو جعفر أخو السفاح فجرت لهم وقعات، ثم انتصر أبو جعفر وحكم على الجزيرة وأذربيجان وأرمينة وضبط تلك الناحية إلى أن انتهت إليه الخلافة فشخص أبو جعفر لما مهد ذلك القطر إلى خراسان إلى صاحب الدولة أبي مسلم ليأخذ رأيه في قتل وزير دولتهم أبي سلمة حفص ابن سليمان الخلال، وذلك أنه لما نزل عنده آل العباس بالكوفة حدثته نفسه فيما قيل أن يبايع رجلا من آل علي ويذر آل العباس، وشرع يخفي أمرهم على القواد، فبادروا وبايعوا السفاح كما ذكرنا فبايعه أبو سلمة الخلال وبقي متهما عندهم.
قال أبو جعفر: انتدبني أخي السفاح للذهاب إلى أبي مسلم فسرت راحلا فأتيت الري ومنها إلى مرو فلما كنت على فرسخين منها تلقاني أبو مسلم في الناس فلما دنا مني ترجل ومشى وقبل يدي فنزلت وأقمت ثلاثة أيام لا يسألني عن شيء، ثم سألني فأخبرته قال: فعلها أبو سلمة أنا أكفيكموه فدعا مرار بن أنس الضبي فقال: انطلق إلى الكوفة فاقتل أبا سلمة حيث لقيته، فأتى الكوفة فقتله بعد العشاء، وكان يقال له: وزير آل محمد، ولما رأى أبو جعفر عظيمة أبي مسلم بخراسان وسفكه للدماء ورجع من عنده قال لأخيه أبي العباس: لست بخليفة إن تركت أبا مسلم حيا قال: كيف قال: والله ما يصنع إلا ما يريد، قال: فاسكت واكتمها.
وأما الحسن بن قحطبة فإنه استمر على حصار يزيد بن عمر بن هبيرة بواسط وجرت بينهم حروب يطول شرحها، ودام القتال الحصر أحد عشر شهرا، فلما بلغهم قتل مروان الحمار ضعفوا وطلبوا الصلح، وتفرغ أبو جعفر
(٣٤١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 336 337 338 339 340 341 342 343 344 345 346 ... » »»