تاريخ الإسلام - الذهبي - ج ٦ - الصفحة ٣٢
أدركت حجر أزواج النبي صلى الله عليه وسلم من جريد النخل، على أبوابها المسوح من شعر أسود، فحضرت كتاب الوليد يقرأ بإدخال الحجر في المسجد، فما رأيت باكيا أكثر باكيا من ذلك اليوم، فسمعت سعيد بن المسيب يقول: لو تركوها فيقدم القادم من الآفاق فيرى ما اكتفى به رسول الله صلى الله عليه وسلم في حياته.
وعن عمران بن أبي أنس قال: ذرع الستر الشعر ذراع في طول ثلاثة.
وفيها كتب الوليد، وكان مغرما بالبناء، إلى عمر بن عبد العزيز بحفر الأنهار بالمدينة، وبعمل الفوارة بها، فعملها وأجرى ماءها، فلما حج الوليد وقف ونظر إليها فأعجبته.
وقال عمر بن مهاجر وكان على بيت مال الوليد: حسبوا ما أنفقوا على الكرمة التي في قبلة مسجد دمشق، فكان سبعين ألف دينار.
وقال أبو قصي إسماعيل بن محمد العذري: حسبوا ما أنفقوا على مسجد دمشق، فكان أربعمائة صندوق، في كل صندوق ثمانية وعشرون ألف دينار.
قلت: جملتها على هذا: أحد عشر ألف ألف دينار ونيف.
قال أبو قصي: أتاه حرسيه فقال: يا أمير المؤمنين تحدثوا أنك أنفقت الأموال في غير حقها، فنادى: الصلاة جامعة، وخطبهم فقال: بلغني كيت وكيت، ألا يا عمر قم فأحضر الأموال من بيت المال. فأتت البغال تدخل بالمال، وفضت في القبلة على الأنطاع، حتى لم يبصر من في) القبلة من في الشام، ووزنت بالقبابين، وقال لصاحب الديوان: أحص من قبلك ممن يأخذ رزقنا، فوجدوا ثلاثمائة ألف في جميع الأمصار، وحسبوا ما يصيبهم، فوجدوا عنده رزق ثلاث سنين، ففرح الناس، وحمدوا الله، فقال: إلى أن تذهب هذه الثلاث السنين قد أتانا الله بمثله ومثله، ألا وإني رأيتكم يا أهل دمشق تفخرون على الناس بأربع: بهوائكم، ومائكم، وفاكهتكم، وحماماتكم،
(٣٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 ... » »»