تاريخ الإسلام - الذهبي - ج ٥ - الصفحة ٣٥٢
وإن رجلا قال له: بم سدت قومك؟ قال: بتركي من أمرك ما لا يعنيني كما عندك من أمري ما) لا يعنيك.
وعنه قال: ما ينبغي للأمير أن يغضب، لأن الغضب في القدرة لقاح السيف والندامة.
وقال الأصمعي: قال عبد الملك بن عمير: قدم علينا الأحنف الكوفة مع مصعب، فما رأيت خصلة تذم إلا رأيتها فيه، كان ضئيلا، صغير الرأس، متراكب الأسنان، مائل الذقن، ناتيء الوجه، باخق العينين، خفيف العارضين، أحنف الرجل، فكان إذا تكلم جلا عن نفسه.
باخق: منخسف العين.
وقال ابن الأعرابي: الأحنف الذي يمشي على ظهر قدميه.
وقال غيره: هو أن تقبل كل رجل على صاحبتها.
وللأحنف أشياء مفيدة أورد الحافظ ابن عساكر جملة منها.
وكان زياد بن أبيه كثير الرعاية للأحنف، فلما ولي بعده ابنه عبيد الله تغيرت حال الأحنف عند عبيد الله، وصار يقدم عليه من دونه، ثم إنه وفد على معاوية بأشراف أهل العراق، فقال لعبيد الله: أدخلهم على قدر مراتبهم، فكان في آخرهم الأحنف، فلما رآه معاوية أكرمه لمكان سيادته، وقال له: يا أبا بحر إلي، وأجلسه معه، وأقبل عليه، وأعرض عنهم، فأخذوا في شكر عبيد الله، وسكت الأحنف، فقال معاوية له: لم لا تتكلم قال: إن تكلمت خالفتهم، فقال: اشهدوا أني قد عزلت عبيد الله، فلما خرجوا كان فيهم من يروم الإمارة، ثم أتوا معاوية بعد ثلاث، وذكر كل واحد شخصا، وتنازعوا، فقال معاوية: ما تقول يا أبا بحر قال: إن وليت أحدا من أهل بيتك لم تجد من يسد مسد عبيد الله، قال: قد أعدته، فلما خرجوا خلا
(٣٥٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 347 348 349 350 351 352 353 354 355 356 357 ... » »»