تاريخ الإسلام - الذهبي - ج ٢ - الصفحة ٦٥٥
تبسم تبسم المغضب ثم قال: تعال فجئت أمشي حتى جلست بين يديه. فقال: ما خلفك ألم تكن ابتعت ظهرك فقلت: بلى، يا رسول الله، إني والله لو جلست عند غيرك من أهل الدنيا لرأيت أني سأخرج من سخطه بعذر، ولقد أعطيت جدلا. ولكن والله لقد علمت لئن حدثتك اليوم حديثا كاذبا ترضى به عني ليوشكن الله أن يسخط علي، ولئن حدثتك حديث صدق تجد علي فيه، إني لأرجو عفو الله. والله ما كان لي من عذر، ووالله ما كنت قط أقوى ولا أيسر مني حين تخلفت عنك.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أما هذا فقد صدق، قم حتى يقضي الله فيك. فقمت، وثار رجال من بني سلمة فقالوا: لا والله ما علمناك كنت أذنبت ذنبا قبل هذا، أعجزت أن لا تكون اعتذرت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بما اعتذر إليه المخلفون، قد كان كافيك لذنبك) استغفار رسول الله صلى الله عليه وسلم لك. فوالله ما زالوا يونبونني حتى أردت أن أرجع فأكذب نفسي. ثم قلت: هل لقي هذا معي أحد قالوا: نعم، رجلان قلا مثل ما قلت. وقيل لهما مثل ما قيل لك. فقلت: من هما فقالوا: مرارة بن الربيع العمري، وهلال بن أمية الواقفي.
فذكروا لي رجلين صالحين قد شهدا بدرا، فيهما أسوة فمضيت حين ذكروهما لي.
ونهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كلامنا أيها الثلاثة من بين من تخلف عنه. واجتنبنا الناس وتغيروا لنا، حتى تنكرت في نفسي الأرض فما هي التي أعرف.
فلبثنا على ذلك خمسين ليلة. فأما صاحباي فاستكانا وقعدا في بيتهما. وأما أنا فكنت أشب القوم وأجلدهم، فكنت أخرج فأشهد الصلاة مع المسلمين وأطوف في الأسواق، فلا يكلمني أحد. وآتي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو
(٦٥٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 649 651 652 653 654 655 656 657 658 659 660 ... » »»