تاريخ الإسلام - الذهبي - ج ٢ - الصفحة ٣١١
قد أذنت لك. فأتاهم، فبكوا وقالوا: يا أبا لبابة، ماذا ترى، فأشار بيده إلى حلقه، يريهم إنما يراد بكم القتل. فلما انصرف سقط في يده ورأى أنه قد أصابته فتنة عظيمة فقال: والله لا أنظر في وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أحدث لله توبة نصوحا يعلمها الله من نفسي. فرجع إلى المدينة فربط يديه إلى جذع من جذوع المسجد. فزعموا أنه ارتبط قريبا من عشرين ليلة.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما ذكر، حين راث عليه أبو لبابة: أما فرغ أبو لبابة من حلفائه قالوا: يا رسول الله، قد والله انصرف من عند الحصن، وما ندري أين سلك. فقال: قد حدث له أمر. فأقبل رجل فقال: يا رسول الله، رأيت أبا لبابة ارتبط بحبل إلى جذع من جذوع المسجد. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لقد أصابته بعدي فتنة، ولو جاءني لاستغفرت)::::
له. فإذا فعل هذا فلن أحركه من مكانه حتى يقضي الله فيه ما شاء.
قال ابن لهيعة، عن أبي الأسود، عن عروة، فذكر نحو ما قص موسى ابن عقبة. وعنده: فلبس رسول الله صلى الله عليه وسلم لأمته وأذن بالخروج، وأمرهم أن يأخذوا السلاح. ففرغ الناس للحرب، وبعث عليا على المقدمة ودفع إليه اللواء. ثم خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم على آثارهم. ولم يقل بضع عشرة ليلة.
وقال يونس بن بكير، والبكائي واللفظ له عن ابن إسحاق قال: حاصرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم خمسا وعشرين ليلة، حتى جهدهم الحصار، وقذف الله في قلوبهم الرعب. وكان حيي بن أخطب دخل مع بني قريظة في حصنهم حين رجعت عنهم قريش وغطفان، وفاء لكعب بن أسد بما كان
(٣١١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 305 307 308 309 310 311 312 313 314 315 316 ... » »»