تاريخ الإسلام - الذهبي - ج ٢ - الصفحة ٢٧٤
سيفقدونني فيرجعون إلي، فبينا أنا جالسة غلبتني عيني فنمت. وكان صفوان ابن المعطل السلمي ثم الذكواني من وراء الجيش.
فأدلج فأصبح عند منزلي، فرأى سواد إنسان نائم، فأتاني فعرفني حين رآني، وكان يراني قبل الحجاب، فاستيقظت باسترجاعه حين عرفت، فخمرت وجهي بجلبابي، والله ما كلمني كلمة ولا سمعت منه كلمة غير استرجاعه. فأناخ راحلته فوطئ على يديها فركبتها، فانطلق يقود بي الراحلة حتى أتينا الجيش بعد ما نزلوا موغرين في نحر الظهيرة. فهلك من هلك. وكان الذي تولى الإفك عبد الله بن أبي بن سلول. فقدمنا المدينة، فاشتكيت حين قدمت شهرا، والناس يفيضون في قول أهل الإفك، ولا أشعر بشيء من ذلك. وهو يريبني في وجعي أني لا أعرف من رسول الله صلى الله عليه وسلم اللطف الذي كنت أرى منه حين أشتكي. إنما يدخل علي فيسلم ثم يقول: كيف تيكم ثم ينصرف. فذلك الذي يريبني ولا أشعر بالشر، حتى خرجت يوما بعد ما نقهت. فخرجت مع أم مسطح قبل المناصع وهو متبرزنا وكنا لا نخرج إلا ليلا إلى ليل، وذلك قبل أن نتخذ الكنف قريبا من بيوتنا، وأمرنا أمر العرب الأول في التبرز قبل الغائط، وكنا نتأذى بالكنف أن نتخذها عند بيوتنا. فانطلقت أنا وأم مسطح قبل بيتي، قد فرغنا من شأننا، فعثرت أم مسطح في مرطها فقالت: تعس مسطح. فقلت لها: بئس ما قلت، أتسبين رجلا شهد بدرا قالت: أي هنتاه، أو لم تسمعي ما قال قلت: وماذا فأخبرتني بقول أهل الإفك. فازددت مرضا على مرضي. فلما رجعت إلى بيتي ودخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم فسلم ثم قال:
(٢٧٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 269 270 271 272 273 274 275 276 277 278 279 ... » »»