فواعده أن يأتيه ليلا، فجاءه ليلا ومعه أبو نائلة، وهو أخو كعب من الرضاعة، فدعاه من الحصن فنزل إليهم، فقالت له امرأته: أين تخرج هذه الساعة قال: إنما هو أخي أبو نائلة ومحمد بن مسلمة، إن الكريم لو دعي إلى طعنة بليل لأجاب. قال محمد: إني إذا ما جاء فإني قائل بشعره فأشمه ثم أشمكم، فإذا رأيتموني أثبت يدي فدونكم. فنزل إليهم متوشحا، وهو ينفح منه ريح الطيب، فقال محمد: ما رأيت كاليوم ريحا، أي أطيب، أتأذن لي أن أشم رأسك قال: نعم. فشمه ثم شم أصحابه، ثم قال: أتأذن لي يعني ثانيا. قال: نعم. فلما استمكن منه قال: دونكم. فضربوه فقتلوه. وأتوا النبي صلى الله عليه وسلم فأخبروه. أخرجه البخاري.
وقال شعيب بن أبي حمزة، عن الزهري عن عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك، عن أبيه، أن كعب بن الأشرف اليهودي كان شاعرا، وكان يهجو رسول الله صلى الله عليه وسلم ويحرض عليه كفار قريش في شعره. وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قدم المدينة وأهلها أخلاط، منهم المسلمون، ومنهم عبدة الأوثان، ومنهم اليهود، وهم أهل الحلقة والحصون، وهم حلفاء الأوس والخزرج، فأراد رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قدم المدينة استصلاحهم كلهم، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة يؤذونه أشد الأذى، فأمر الله رسوله والمسلمين بالصبر والعفو، فقال تعالى: ولتسمعن من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ومن الذين أشركوا أذى كثيرا، وقال: ود كثير من أهل الكتاب لو يردونكم