(فما حسن أن تأتي الأمر طائعا * وتجزع أن داعى الصبابة أسمعا) (قفا ودعا نجدا ومن حل بالحمى * وقل لنجد عندنا أن يودعا) (ولما رأيت البشر أعرض دوننا * وجالت بنات الشوق يحنن نزعا) (بكت عيني اليمنى فلما زجرتها * عن الجهل بعد الحلم أسبلتا معا) (تلفت نحو الحي حتى وجدتني * وجعت من الإصغاء ليتا وأخدعا) (وأذكر أيام الحمى ثم أنثني * على كبدي من خشية أن تقطعا) (وليست عشيات الحمى برواجع * عليك ولكن خل عينيك تدمعا) قلت وهي أبيات في غاية الرقة واللطافة وذكرها أبو تمام الطائي في كتاب الحماسة في أول باب النسيب وقال إنها للصمة بن عبد الله القشيري والله أعلم بالصواب في ذلك وقال أبو عمر يوسف بن عبد البر صاحب كتاب الاستيعاب في أخبار الصحابة رضي الله عنهم وقد تقدم ذكره في كتاب بهجة المجالس ما مثاله للصمة بن عبد الله القشيري (أما وجلال الله لو تذكرينني * كذكريك ما كفكفت للعين مدمعا) (فقالت بلى والله ذكرا لو أنه * يصب على الصخر الأصم تصدعا) ثم قال بعد ذلك وأكثرهم ينسبون إليه في هذا الشعر (حننت إلى ريا ونفسك باعدت * مزارك من ريا وشعباكما معا) وذكر الأبيات بكمالها كما ذكرها في الحماسة وبعد الفراغ منها قال ومنهم من ينسبها إلى قيس بن ذريح وإلى المجنون أيضا والأكثر أنها للصمة والله أعلم
(٣٧١)