وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان - ابن خلكان - ج ٦ - الصفحة ٣٥٤
زياد فقال في آخر الحديث ومات يزيد بن مفرغ في سنة تسع وستين يعني للهجرة والله أعلم وقال أبو اليقظان في كتاب النسب مات عباد بن زياد في سنة مائة للهجرة بجرود قلت وجرود بفتح الجيم وضم الراء وسكون الواو وبعدها دال مهملة وهي قرية من أعمال دمشق من جهة حمص ويكون في أرضها من حمير الوحش شيء كثير يجاوز الحصر ولما وصل بعض عسكر الديار المصرية إلى الشام في أثناء سنة ستين وستمائة وتوجهوا بعسكر الشام إلى أنطاكية وكنت يومئذ بدمشق أقاموا عليها قليلا ثم عادوا فدخلوا دمشق في سلخ شعبان من السنة وأخبرني بعضهم بقضية غريبة يصلح أن تذكر هاهنا لغرابتها وهي أنهم نزلوا على جرود المذكورة واصطادوا من الحمر الوحشية شيئا كثيرا على ما قالوا فذبح واحد من الجماعة حمارا وطبخ لحمه الطبخ المعتاد فلم ينضج ولا قارب النضج فزاد في الحطب والإيقاد فلم يؤثر فيه شيئا ومكث يوما كاملا يفعل ذلك وهو لا يفيد فقام شخص من الجند وأخذ الرأس يقلبه فوجد على أذنه وسما فقرأه فإذا هو بهرام جور فلما وصلوا إلى دمشق أحضروا تلك الأذن عندي فوجدت الوسم ظاهرا وقد رق شعر الأذن إلى أن بقي كالهباء وبقي موضع الوسم أسود وهو بالقلم الكوفي (342) وهذا بهرام جور من ملوك الفرس وكان قبل مبعث النبي صلى الله عليه وسلم بزمان طويل وكان من عاداته أنه إذا كثر عليه ما يصطاده وسمه وأطلقه والله أعلم كم كان عمر الحمار لما وسمه والله يعلم لو تركوه ولم يذبحوه كم كان يعيش وعلى الجملة فإن حمار الوحش من الحيوانات المعمرة وهذا الحمار لعله عاش ثمانمائة سنة أو أكثر وهذه جرود في أرضها جبل المدخن المشهور وقد ذكره أبو نواس في قصيدته التي ذكر فيها المنازل لما قصد الخصيب بمصر فقال
(٣٥٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 349 350 351 352 353 354 355 356 357 358 359 ... » »»