مخلد بن يزيد على عمر وجرى بينهما ما سبق ذكره فلما خرج مخلد بن يزيد قال عمر هذا عندي خير من أبيه فلم يلبث مخلد إلا قليلا حتى مات ولما أبي يزيد أن يؤدي المال إلى عمر ألبسه جبة صوف وحمله على جمل ثم قال سيروا به إلى دهلك قلت وهي جزيرة في بحر عيذاب بالقرب من سواكن كان الخلفاء يحبسون بها من نقموا عليه قال فلما أخرج يزيد مروا به على الناس فجعل يزيد يقول مالي عشيرة يذهب بي إلى دهلك إنما يذهب إلى دهلك بالفاسق المريب سبحان الله أما لي عشيرة فدخل على عمر سلامة ابن نعيم الخولاني وقال يا أمير المؤمنين أردد يزيد إلى محبسه فإني أخاف إن أمضيته أن ينتزعه قومه فإني رأيت قومه قد غضبوا له فرده إلى محبسه ولم يزل في محبسه حتى بلغه مرض عمر وقيل إن عدي بن أرطأة سلمه إلى وكيع بن حسان بن أبي سود التميمي مغلولا مقيدا في سفينة ليوصله إلى عين التمر حتى يحمل إلى عمر فعرض لوكيع ناس من الأزد لينتزعوه منه فوثب وكيع وانتضى سيفه وقطع قلس السفينة وأخذ سيف يزيد بن المهلب وحلف بطلاق امرأته ليضربن عنقه إن لم يتفرقوا عنه فناداهم يزيد وأعلمهم بيمين وكيع فتفرقوا ومضى به حتى سلمه إلى الجند الذين بعين التمر وحمله الجند إلى عمر فحبسه ولما كان يزيد في حبس عمر دخل عليه الفرزدق فرآه مقيدا فأنشده (أصبح في قيدك السماحة والجود * وحمل الديات والحسب) (لا بطر إن ترادفت نعم * وصابر في البلاء محتسب) فقال له يزيد ويحك ماذا صنعت أسأت إلي قال ولم ذاك قال تمدحني وأنا على هذه الحالة فقال له الفرزدق رأيتك رخيصا فأحببت أن أسلف فيك بضاعتي فرمى يزيد إليه بخاتمه وقال شراؤه ألف دينار وهو ربحك إلى أن يأتيك رأس المال واستمر في حبسه إلى أن مرض عمر في سنة إحدى ومائة فخاف
(٣٠٠)