الصالح متغير عليه متنكر له لأمور نقمها عليه وطرق الفرنج البلاد في أوائل سنة سبع وأربعين وملكوا دمياط يوم الأحد الثاني والعشرين من صفر من السنة وخيم الملك الصالح بعسكره على المنصورة وابن مطروح مواظب على الخدمة مع الإعراض عنه ولما مات الملك الصالح ليلة النصف من شعبان سنة سبع وأربعين بالمنصورة وصل ابن مطروح إلى مصر وأقام بها في داره إلى أن مات هذه جملة حاله على الإجمال وكانت أدواته جميلة وخلاله حميدة جمع بين الفضل والمروءة والأخلاق الرضية وكان بيني وبينه مودة أكيدة ومكاتبات في الغيبة ومجالس في الحضرة تجري فيها مذاكرات أدبية لطيفة وله ديوان شعر أنشدني أكثره فمن ذلك قوله في أول قصيدة طويلة (هي رامة فخذوا يمين الوادي * وذروا السيوف تقر في الإغماد) (وحذار من لحظات أعين عينها * فلكم صرعن بها من الآساد) (من كان منكم واثقا بفؤاده * فهناك ما أنا واثق بفؤادي) (يا صاحبي ولي بجرعاء الحمى * قلب أسير ما له من فادي) (سلبته مني يوم بانوا مقلة * مكحولة أجفانها بسواد) (وبحي من أنا في هواه ميت * عين على العشاق بالمرصاد) (وأغن مسكي اللمى معسوله * لولا الرقيب بلغت منه مرادي) (كيف السبيل إلى وصال محجب * ما بين بيض ظبا وسمر صعاد) (في بيت شعر نازل من شعره * فالحسن منه عاكف في بادي) (حرسوا مهفهف قده بمثقف * فتشابه المياس بالمياد) (قالت لنا ألف العذار بخده * في ميم مبسمه شفاء الصادي) وهي طويلة اقتصرت منها على هذا القدر للاختصار
(٢٦٠)