الدنيا فأقبلوا على ما يرجون بلوغ أغراضهم به على أن يحيى بن يحيى لم يل قضاء قط ولا أجاب إليه وكان ذلك زائدا في جلالته عندهم وداعيا إلى قبول رأيه لديهم وحكى أحمد بن أبي الفياض في كتابه قال كتب الأمير عبد الرحمن بن الحكم الأموي المعروف بالربضي صاحب الأندلس إلى الفقهاء يستدعيهم إليه فأتوا إلى القصر وكان عبد الرحمن المذكور قد نظر في شهر رمضان إلى جارية له كان يحبها حبا شديدا فعبث بها ولم يملك نفسه أن وقع عليها ثم ندم ندما شديدا فسأل الفقهاء عن توبته من ذلك وكفارته فقال يحيى بن يحيى يكفر ذلك بصوم شهرين متتابعين فلما بدر يحيى بهذه الفتيا سكت بقية الفقهاء حتى خرجوا من عنده فقال بعضهم لبعض وقالوا ليحيى ما لك لم تفته بمذهب مالك فعنده أنه مخير بين العتق والطعام والصيام فقال لو فتحنا له هذا الباب سهل عليه أن يطأ كل يوم ويعتق رقبة ولكن حملته على أصعب الأمور لئلا يعود ولما انفصل يحيى عن مالك ليعود إلى بلاده ووصل إلى مصر رأى عبد الرحمن بن القاسم يدون سماعه عن مالك فنشط للرجوع إلى مالك ليسمع منه المسائل التي كان ابن القاسم دونها عنه فرحل رحلة ثانية فألفى مالكا عليلا فأقام عنده إلى أن مات وحضر جنازته فعاد إلى ابن القاسم وسمع منه سماعه من مالك ذكر ذلك أبو الوليد ابن الفرضي في تاريخه وذكر أيضا فيه ما مثاله وانصرف يحيى بن يحيى إلى الأندلس فكان إمام وقته وواحد بلاده وكان رجلا عاقلا قال محمد بن عمر بن لبابة فقيه الأندلس عيسى بن دينار وعالمها عبد الملك بن حبيب وعاقلها يحيى بن يحيى
(١٤٥)