وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان - ابن خلكان - ج ٥ - الصفحة ١٠٢
المذكور قبل ذلك يلي أمور المطبخ والفرش وكان الواثق لما ولي أمر أن يقوم جميع الناس لابن الزيات ولم يجعل في ذلك رخصة لأحد فكان ابن أبي دواد يستعجل صلاة الضحى إذا أحس بقدومه أنفة من القيام له في دار السلطان وامتثالا للأمر فصنع ابن الزيات (صلى الضحى لما استقاد عداوتي * وأراه ينسك بعدها ويصوم) (لا تأمنن عداوة مسمومة * تركتك تقعد تارة وتقوم) وقد سبق شيء من خبره معه في ترجمته ومن شعر محمد المذكور في جاريته أم ابنه عمر وقد ماتت (يقول لي الخلان لو زرت قبرها * فقلت وهل غير الفؤاد لها قبر) (على حين لم أحدث فأجهل فقدها * ولم أبلغ السن التي معها الصبر) وشعره كله نخب ونقتصر منه على هذا القدر ففيه كفاية وكان أبوه زياتا إلا أنه كان كثير المال وكان محمد المذكور شديد القسوة صعب العريكة لا يرق لأحد ولا يرحمه وكان يقول الرحمة خور في الطبيعة ووقع يوما على رقعة رجل توسل إليه بقرب الجوار منه الجوار للحيطان والتعطف للنسوان فلما أراد المتوكل قتله أحضره وأحضر تنور خشب فيه مسامير من حديد أطرافها إلى داخل التنور تمنع من يكون فيه من الحركة كان محمد اتخذه ليعذب فيه من يطالبه وهو أول من عمل ذلك وعذب فيه ابن أسباط المصري وقال أجرينا فيك حكمك في الناس فأجلس فيه فمات بعد ثلاث وذلك في سنة ثلاث وثلاثين ومائتين وقيل إنه كتب في التنور بفحمة (من له عهد بنوم * يرشد الصب إليه) (رحم الله رحيما * دل عيني عليه) ودفن ولم يعمق قبره فنبشته الكلاب وأكلته رحمه الله تعالى
(١٠٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 97 98 99 100 101 102 103 104 105 106 107 ... » »»