وكان القاضي أبو الحسن المذكور مفننا في عدة فنون منها علم القضاء والقيام به بوقار وسكينة وعلم الفقه والعربية والأدب والشعر وأيام الناس وكان شاعرا مجيدا في الطبقة العليا ومن شعره ما رواه له أبو منصور الثعالبي في كتاب يتيمة الدهر وهو قوله (ولي صديق ما مسني عدم * مذ وقعت عينه على عدمي) (أغنى وأقنى وما يكلفني * تقبيل كف له ولا قدم) (قام بأمري لما قعدت به * ونمت عن حاجتي ولم ينم) وأورد له الثعالبي أيضا في المعنى (صديق لي له أدب * صداقة مثله نسب) (رعى لي فوق ما يرعى * وأوجب فوق ما يجب) (فلو نقدت خلائقه * لبهرج عندها الذهب) وأورد له أبو الحسن الباخرزي المقدم ذكره في كتاب دمية القصر وأوردها أيضا أبو محمد ابن زولاق في كتاب أخبار قضاة مصر في ترجمة أبي الحسن المذكور أبياتا أحسن فيها كل الإحسان وهي (رب خود عرفت في عرفات * سلبتني بحسنها حسناتي) (حرمت حين أحرمت نوم عيني * واستباحت حماي باللحظات) (وأفاضت مع الحجيج ففاضت * من جفوني سوابق العبرات) (ولقد أضرمت على القلب جمرا * محرقا إذ مشت إلى الجمرات) (لم أنل من منى منى النفس حتى * خفت بالخيف أن تكون وفاتي)
(٤١٨)