وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان - ابن خلكان - ج ٥ - الصفحة ٢٩٥
من أحواله وإن كان شرحها يطول وكان أبو الحسن علي المعروف بابن يونس المنجم قد صنع له الزيج المشهور المعروف بالحاكمي وهو زيج كبير مبسوط ونقلت من خط الحافظ أبي طاهر أحمد بن محمد السلفي رحمه الله تعالى أن الحاكم المذكور كان جالسا في مجلسه العام وهو حفل بأعيان دولته فقرأ بعض الحاضرين قوله تعالى * (فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما) * (النساء 65) والقاريء في أثناء ذلك يشير إلى الحاكم فلما فرغ من القراءة قرأ شخص آخر يعرف بابن المشجر وكان رجلا صالحا * (يا أيها الناس ضرب مثل فاستمعوا له إن الذين تدعون من دون الله لن يخلقوا ذبابا ولو اجتمعوا له وإن يسلبهم الذباب شيئا لا يستنقذوه منه ضعف الطالب والمطلوب ما قدروا الله حق قدره إن الله لقوي عزيز) * (الحج 73) فلما أنهى قراءته تغير وجه الحاكم ثم أمر لابن المشجر المذكور بمائة دينار ولم يطلق للآخر شيئا ثم إن بعض أصحاب ابن المشجر قال له أنت تعرف خلق الحاكم وكثرة استحالاته وما نأمن أن يحقد عليك وأنه لا يؤاخذك في هذا الوقت ثم يؤاخذك بعد هذا فتتأذى معه ومن المصلحة عندي أن تغيب عنه فتجهز ابن المشجر للحج وركب في البحر فغرق فرآه صاحبه في النوم فسأله عن حاله فقال ما أقصر الربان معنا أرسى بنا على باب الجنة رحمه الله تعالى وذلك ببركة جميل نيته وحسن قصده ومن أخباره المستطرفة التي تدخل في أبواب الفرج بعد الشدة ما حدث به بعض الرؤساء أن ولي الدولة ابن خيران استحضره الحاكم ذات يوم وقال له يا ولي الدولة إني أريد أن أزوج مملوكي فلانا على جاريتي فلانة بعد عتقهما وكذلك آخر لأخرى فخذ هاتين الشقتين واخطب فيهما خطبتين حسنتين وانسق الصداق والمهر بعد ذلك على ما تقتضيه صناعة الوراق وبكر إلينا من الفجر
(٢٩٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 290 291 292 293 294 295 296 297 298 299 300 ... » »»