فانتفع به خلق كثير وجودوا عليه القرآن وعظم اسمه في البلدة وجل فيها قدره ونزل عند دخوله قرطبة في مسجد النخيلة الذي بالزقاقين عند باب العطارين فأقرأ به ثم نقله المظفر عبد الملك بن أبي عامر إلى جامع الزاهرة وأقرأ فيه حتى انصرمت دولة آل عامر فنقله محمد بن هشام المهدي إلى المسجد الخارج بقرطبة وأقرأ فيه مدة الفتنة كلها إلى أن قلده أبو الحسن ابن جهور الصلاة والخطبة بالمسجد الجامع بعد وفاة يونس بن عبد الله وكان ضعيفا عليها على أدبه وفهمه وأقام في الخطابة إلى أن مات رحمه الله تعالى وكان خيرا فاضلا متواضعا متدينا مشهورا بإجابة الدعاء وله في ذلك أخبار فمن ذلك ما حكاه أبو عبد الله الطرفي المقرئ قال كان عندنا بقرطبة رجل فيه بعض الحدة وكان له على الشيخ أبي محمد المذكور تسلط وكان يدنو منه إذا خطب فيغمزه ويحصي عليه سقطاته وكان الشيخ كثيرا ما يتلعثم ويتوقف فحضر ذلك الرجل في بعض الجمع وجعل يحد النظر إلى الشيخ ويغمزه فلما خرج معنا ونزل في الموضع الذي كان يقرأ فيه قال لنا أمنوا على دعائي ثم رفع يديه وقال اللهم اكفنيه اللهم اكفنيه فأمنا قال فأقعد ذلك الرجل وما دخل الجامع بعد ذلك اليوم وله تصانيف كثيرة نافعة فمنها الهداية إلى بلوغ النهاية في معاني القرآن الكريم وتفسيره وأنواع علومه وهو سبعون جزءا ومنتخب الحجة لأبي علي الفارسي ثلاثون جزءا وكتاب التبصرة في القراءات في خمسة أجزاء وهو من أشهر تواليفه والموجز في القراءات جزءان وكتاب
(٢٧٥)